فن الملحون

نفحات رمضانية في رحاب الشعر الملحون – الحلقة 12

 يكتبها ل،MCG24 الدكتور منير البصكري الفيلالي/ أسفي
يبدو إذن أن شاعر الملحون يسعى إلى أن يكون شهر رمضان فرصة للذكر وتثقيف الروح والسمو بالنفس من درجة إلى أخرى للتقرب إلى الله عز وجل ، والمحافظة على نفسه من التهلكة وغواية الشيطان ، لتصبح الدنيا عنده رحلة قصيرة لا يلبث أن ينتهي منها إلى الحياة الحقة . واستعانته بالذكر ، يجعله يصارع هوى نفسه ويكبح جماح شهواته ليرقى بنفسه ومن حوله . ومن هنا ، كان الذكر وسيلته إلى الحضرة الربانية .
ومعلوم أن للذكر أهمية كبيرة في ديننا الحنيف ، يمكن أن نتبينها من خلال الكثير من الآيات القرآنية كقوله تعالى : ” إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، ولذكر الله أكبر ..”
وقوله عز من قائل : ” لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ، وذكر الله كثيرا . ” وقوله تعالى :” الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم” وغيرها من الآيات التي تحث على الذكر كوسيلة للفوز بمقام كريم عند الله تعالى . والذكر هو الثناء والصلاة والدعاء ، وبه تطمئن القلوب . يقول الحق سبحانه : ” ألا بذكر الله تطمئن القلوب .” فهو إذن خير الأفعال المطلوبة وأزكاها ، خاصة في شهر رمضان .يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم ، وخير من إعطاء الذهب والورق ، وأن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا،
ما ذاك يا رسول الله ؟ قال : ذكر الله تعالى .
يستشف من هذا الحديث أن الذكر خير من كثير من الأعمال التي فرضها الشرع ، وطالب المسلمين بأدائها ، ولو ذكر الصائم الذكر الحقيقي ، وراقب الخالق في جميع أحواله وأفعاله  لقام فعلا بما فرض الله عليه على أكمل وجه . ومن ثمة ، يكون صيامه مقبولا نتيجة للذكر الروحي المنبعث من أعماق قلبه . فالذكر بالنسبة للصائم فعل إيجابي يتجه فيه نحو الاتصال بخالقه ، وتجتمع عليه همته .
وترتيبا على ذلك ، فإن الذكر خاصة في رمضان ، استحضار لعظمة الله تعالى وجلاله وكماله ، استحضارا قلبيا يبعث على الخشية والمراقبة . ولا بد لهذا الذكر أن يكون مصحوبا بالفكر والتفكر مصداقا لقول رب العزة : ” إن في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ، الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض ، ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك ، فقنا عذاب النار ” . ففي التفكر ، يتأمل الصائم في ما خلق الله من عجائب ، كما يتأمل في نفسه وما اقترفه من ذنوب وآثام ، وفي عقاب الله وبلائه الظاهر والباطن . وشهر رمضان أفضل مناسبة لذلك . كما أن في الحمد والثناء ، يذكر الصائم ما أنعم الله عليه من النعم ، ويؤدي ما وجب من الشكر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض