
توقيف رئيس الوزراء السابق عمران خان وتظاهرات احتجاج تعم باكستان
أوقف رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان الثلاثاء اثناء مثوله أمام محكمة في اسلام اباد في إحدى القضايا العديدة التي تستهدفه منذ إزاحته من السلطة السنة الماضية، ما تسبب بخروج تظاهرات منددة في مختلف انحاء البلاد.
استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق مناصري خان الذين كانوا يتظاهرون في كراتشي (جنوب) ولاهور (شرق). وأغلقت طرق قرب اسلام اباد وكذلك في مدينة بيشاور غرب العاصمة.
وقالت شرطة اسلام اباد على حسابها على تويتر “لقد تم توقيف عمران خان في قضية قدير تراست” في إشارة الى قضية فساد.
أظهرت محطات التلفزة المحلية مشاهد فوضى أمام المحكمة حيث دارت صدامات بين مؤيدي حزب حركة إنصاف وعناصر الأمن.
وخان الذي يرغب في العودة الى السلطة كان نجح حتى الآن في تجنب عدة محاولات لتوقيفه.
وأظهر شريط فيديو بثته شبكات التلفزة المحلية عشرات العناصر شبه العسكرية يدفعون خان الى سيارة مصفحة أمام المحكمة العليا في إسلام اباد.
وقال علي بخاري محامي حزب عمران خان لوكالة فرانس برس “عند وصولنا الى قاعة المراقبة البيومترية لتسجيل حضورنا، قام عشرات العناصر بمهاجمتنا”، مضيفا “لقد ضربوه واخرجوه”.
وكان خان قال في شريط فيديو مسجل مسبقا تحسبا لاحتمال اعتقاله “أيها الباكستانيون، حين تصلكم هذه الكلمات سأكون قد اعتقلت في إطار قضية غير قانونية”، مضيفا أن “الحقوق الأساسية في باكستان، الحقوق التي منحنا إياها الدستور وديموقراطيتنا قد دفنت”.
يأتي توقيف خان غداة تحذير وجهه الجيش له من إطلاق “مزاعم لا أساس لها” بعدما اتهم مجددا ضابطا كبيرا بالتآمر لقتله.
هذا التحذير الذي صدر مساء الاثنين، يظهر مدى تدهور العلاقات بين الجيش النافذ في البلاد وخان.
كان الجيش قد ساند في بادىء الأمر وصوله الى السلطة في 2018 قبل ان يسحب دعمه له ثم تمت إزاحة خان من السلطة عبر تصويت لحجب الثقة عن حكومته في البرلمان في نيسان/ابريل 2022.
منذ ذلك الحين يمارس خان ضغوطا على الحكومة الإئتلافية الهشة لتنظيم انتخابات مبكرة قبل تشرين الأول/اكتوبر.
خلال تجمع نظم في نهاية الأسبوع في لاهور (شرق)، أكد خان مجددا ان الميجور جنرال فيصل نصير وهو ضابط كبير في الاستخبارات، ضالع في محاولة الاغتيال التي جرت في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 2022 حين أصيب رئيس الوزراء السابق برصاصة في ساقه.
وأعلن جهاز العلاقات العامة في الجيش في بيان أن “هذه المزاعم المفبركة والخبيثة مؤسفة جدا وغير مقبولة”.
وأضاف البيان “انه توجه ثابت منذ السنة الماضية. يتعرض مسؤولو الجيش والاستخبارات لايحاءات ولدعاية مثيرة للانتباه بهدف الوصول الى غايات سياسية”.
ورد رئيس الوزراء شهباز شريف الذي اتهمه خان أيضا بالضلوع في مخطط لاغتياله، على تويتر قائلا إن “مزاعمه التي لا تستند الى أي دليل ضد الجنرال فيصل نصير والضباط في وكالة استخباراتنا، لا يمكن السماح بها ولن يتم التسامح معها”.
الانتقادات للمؤسسة العسكرية في باكستان نادرة عموما حيث يمارس قادة الجيش نفوذا واسعا على السياسة الداخلية والخارجية. وهم يواجهون منذ فترة طويلة اتهامات بالتدخل لإيصال حكومات الى السلطة أو إسقاطها.
وقال مايكل كوغلمان مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون إن “كبار مسؤولي الجيش لا ينوون ردم الهوة التي تفصلهم عن خان”.
بحسب الرواية الرسمية فإن محاولة الاغتيال هذه التي أصيب خلالها خان في ساقه هي من تنفيذ مسلح واحد اعترف خلال شريط فيديو بثته الشرطة بانه منفذ الهجوم وهو حاليا قيد الاعتقال.
لكن هذه النتائج رفضها خان مؤكدا أن السلطات رفضت محاولاته لتقديم تقرير إخبار أولي لدى الشرطة لتحديد “المذنبين الحقيقيين”.
وقال رئيس الوزراء السابق في شريط فيديو بث الثلاثاء إنه “ليس هناك أي سبب لكي اخترع وقائع”.
است هدف خان بعشرات الملفات القضائية منذ إزاحته، وهو تكتيك تستخدمه مختلف الحكومات الباكستانية لإسكات معارضيها كما يرى محللون. وسيمثل مجددا أمام محكمة الثلاثاء.
الجيش الباكستاني، السادس في العالم، يمارس نفوذا واسعا في البلاد ونظم ثلاثة انقلابات على الأقل منذ استقلالها عام 1947، وحكم البلاد لأكثر من 30 عاما.
دفعت سنوات من سوء الإدارة المالية وعدم الاستقرار السياسي الاقتصاد الباكستاني إلى حافة الانهيار، وهو وضع تفاقم بسبب أزمة الطاقة العالمية وفيضانات مدمرة أغرقت ثلث البلاد العام الماضي.