
أثر الثقافة الإسلامية في الشعر الملحون المغربي – الحلقة الواحد والعشرون
يبدو إذن أن أثر الثقافة الإسلامية في الشعر الملحون ، كان له أكثر من بعد إيجابي إذ استطاع شعراء الملحون أن يستمدوا الأمثل لما ينبغي أن يكون عليه شعرهم ، فيكسبونه من عناصر العمق والتأثير الشيء الكثير . ومن تمة يتبين أن في الشعر الملحون ما يمنحنا زادا ثقافيا هائلا يجعلنا قادرين على تأصيل ما نريد إبداعه . لذلك ، نستطيع أن نضع هذا الشعر في موضعه الصحيح ، وحينها سنكشف عن ذخيرة هائلة من المعاني السامية ، ومن المثل والقيم النبيلة .. فما أجدرنا في هذه المرحلة من تعميق معطيات أدبنا الشعبي برمته ، صونا له من الضياع والنسيان والإهمال .. وإدراك أهميته بالنسبة لحياتنا الثقافية والفكرية والحضارية رغبة في الحفاظ على هويتنا الثقافية والدفاع عن مختلف مقوماتها ، والرغبة أيضا في مواكبة التطورات الثقافية والعلمية التي يموج بها عالم اليوم أمام تحديات العولمة الرهيبة .
ان الاهتمام بهذا الشعر يظل ضرورة حضارية وفكرية وانسانية .. وهذا الاهتمام به ليس عملا تاريخيا ماضويا ، بقدر ما هو عمل حياتي مستقبلي .. والأمر لا يمكن أن يبقى كما هو الآن ، في حدود الوفاء النظري له ، والشاده العاطفية به ، وانما هو كذلك وقبل كل شيء ، في الانتفاع به ، والوفاء لأنفسنا من خلاله . انه ليس زينة ، ولكنه سلاح ، وليس تباهبا وإدلالا، ولكنه قبل لك ، نوع من الاعداد ، ولون من كسب الثقة بالنفس . فلو استطعنا توظيفه توظيفا علميا مدروسا ، لكان في مقدورنا تحقيق شخصية متميزة ذات سمات مميزة ، وخصال وقيم مستمدة من ثقافتنا الاسلامية المشرقة ، ومن ماضينا المجيد ، ولرفضنا ما يريده الغرب من تبعية واستسلام ، ذلك الغرب الذي يسيطر اليوم بالاقتصاد والتقنية على
98 في المئة من أعمال التنمية الدولية ، وعلى 91 في المئة من حركة التصدير ، و 85 في المئة من التسلح ، ويستهلك 87 في المئة من الطاقة .. وغير ذلك … هذا الغرب الذي يدمر القوى الفكرية والثقافية والروحية لشعوبنا العربية والاسلامية بصفة خاصة .
ومن هذا المنطلق ، يكتسب الشعر الملحون أصالته وهويته ، فهو الجسر الممدود بين حاضرنا وماضينا ومستقبلنا .
انتهى .
منير الفيلالي البصكري ـ أستاذ جامعي ـ أسفي