
صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 29
إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
السيد علال قنبوع :
أحد الوطنيين الغيورين على الوطن. فحين فكرت في تناول هذه الشخصية لم أكن احتاج إلى مصادر أو مراجع أو وثائق أو حقائق، لأنني التقيت بالرجل خلال نهاية التسعينيات من القرن الماضي، وجلست أنصت غليه بإمعان كبير، حيث تناولت معه مسار حياته الوطني.. لذلك ، قلت في البداية بأنه وطني كبير، وعملة نادرة في الوطنية والمواطنة.
رجل طويل القامة، بل فارع في الطول، وسيم المطلع، يرتدي جلبابا أبيض يعكس صفاء سريرته .. يقظ، حاد الذكاء، ذو بعد في النظر، متحمس، غيور على الوطن.
ولد بمدينة أسفي وبالضبط عام 1921 بدرب سيدي عبد الكريم بالمدينة القديمة. التحق كأقرانه بالكتاب، ليلتحق بعد ذلك بمدرسة مولاي عبد السلام بن مولاي الحاج. وفي أواخر عام 1938 سيغادر المدرسة لينخرط في مجال تجارة الأثواب بقيسارية الزموري بحي الرباط..
وفي غمرة الأحداث السياسية التي كانت تعرفها مدينة أسفي، نجده ينخرط في العمل الوطني ضمن مجموعة من الوطنيين أمثال، محمد الشقوري وعبد السلام امجيد، حيث كان من المشرفين على تنظيم اجتماعات كثلة العمل.. كما كان من المشاركين في العديد من الحركات الاحتجاجية من بينها تلكم التي انفجرت بعد نفي الزعيم علال الفاسي إلى الغابون سنة 1938. وفي إحدى مناسبات عيد العرش، كان للسي علال قنبوع دور خطير في الإعداد لتلك المناسبة، الشيء الذي أقلق راحة المستعمر الفرنسي، فتم اعتقاله وحكم عليه بالسجن لمدة شهرين متتابعين بزنزانة مظلمة بالشماعية، نواحي أسفي.
ومباشرة بعد نفي السلطان محمد الخامس خارج الوطن، قام السي علال بمعية مجموعة من الوطنيين بدور توعية الناس بخطورة ما أقدمت عليه السلطات الفرنسية، منبها إلى ضرورة مقاومة الاستعمار، فشارك في كتابة الرسائل التهديدية وتزويع المناشير وتخزين المحروقات وحراسة بعض المقاومين خوفا على حياتهم. وفي غشت 1954، تم اعتقاله من جديد بتهمة نشر العرائض التي كانت تطالب بعودة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه وكان معه وطنيون آخرون أمثال محمد الشقوري ومحمد بنهيمة وامحمد بلخضير وعبد القادر السنتيل ومحمد امجيد وأحمد بلقتيب وأحمد السعيدي وعزوز بنبوشتى وغيرهم، حيث حكم عليهم بالسجن.
وبعد خروجه من السجن، انضم إلى فرقة اليد المباركة التي أسسها وقادها الحبيب فايضي أحد أبناء مدينة أسفي في 16 نونبر 1953، بحيث كان جميع أعضائها من حزب الاستقلال وقد نفذت هذه المنظمة عدد مهما من العمليات الفدائية إلى أن كشف سرها في غشت 1955.
هذا هو الوطني السي علال قنبوع، شعلة من الوطنية المتوقدة. وبوفاته في نونبر 2007 فقدت اسفي رجلا من رجالاتها المخلصين، ووطنيا صادقا لم يكن يحب الظهور والتمركز في المجالس والمحافل، يصلح بين الناس ويدخل بينهم بالإصلاح ولو كلفه الأمر الجهد والوقت.