ثقافة

فن السماع: أي “تجديد”؟

الدكتور محمد التهامي الحراق

هناك مسألة في غاية الأهمية: طبيعة فن السماع خاصة للغاية؛ الأمر لا يتعلق بفن بحصر المعنى، أو بالمعنى الدنيوي أو اللائكي للفن. فن السماع فن ينتمي لدائرة الروحانيات ، وينشد في أزمنة وأمكنة مقدسة، ويستمد معانيه وقيمه ومقاصده من مرجعية النصوص الوحيانية والتجارب الذوقية المستمدة منها. ولذلك لا يمكن معاملة شقه المتعلق بالحضرة النبوية وشقه المتعلق بالحضرة الإلهية، أو ما يختصر في المديح والسماع، معاملة الفنون المفصولة عن هذه المرجعية، أو المحايدة حيالها، أو المتصلة بها على نحو ثقافي غير ديني. ولذا، فكل أشكال “التعاطي” أو “التجديد” في هذا الفن الروحي ستظل معطوبة، إذا لم تستوعب هذا الأمر؛ بل قد تسيء إلى مقاصد هذا الفن وتعبث بأبعاده وتفرغه من روحه وتنسف معناه. إن الأمر ليس هزلا، فنحن إزاء كلام وتلاحين تحمل أحوال عارفين وقيما روحانية كونية، يجب البذل من أجل صيانتها وتثميرها في كل اجتهاد فني أو جمالي، نعم للكونية دون “تسييل” أو “تمييع” للروحانية، ونعم للروحانية مع إعطائها الأفق الجمالي الكوني المجدد لحضورها من داخل نسقها. لنجعل مثل هذه الفنون روافد لتمنيعنا ضد استهلاكية السوق الشرسة، لتكن مصدر “روحنة” لا ضحية استهلاك و”دنيوة” متوحشة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 + أربعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض