ثقافة

صدى نساء أسفي في التاريخ- الحلقة 1

 إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي

تقديم :

   بكثير من الاعتزاز ، سنخصص مجموعة من الحلقات حول صدى نساء أسفي في التاريخ ، ننبش في الذاكرة بحثا عن مسارهن في فترات تاريخية متباينة ، أغنين من خلالها تاريخ مدينتهن ، بما استطعن ان يتركن من صدى ما تزال الذاكرة الآسفية تحتفظ ببعض منه .. نحاول أن نعطي نبذة عن حياتهن ، كما سنحاول أن نتطرق إلى سيرهن كنساء مؤثرات في المجتمع الآسفي . وهو الأمر نفسه ، كان مع رجالات أسفي سابقا ، وما كان لهم من صدى في مختلف المجالات . بهذه المناسبة ، نهنئ القارئ الكريم بقدوم شهر رمضان الفضيل متمنيين له قراءة ماتعة لما سنقدمه من حلقات حولصدى نساء أسفي في التاريخ” 

   من المعلوم أن الله تعالى قد خاطب النساء بالإيمان والعلم والمعرفة والأعمال الصالحة سواء في مجال العبادات أو مجال المعاملات ، وهو الأمر نفسه حين خاطب الحق سبحانه الرجال .. وجعل لهن عليهم مثل ما جعله لهم عليهن ، وقرن أسماءهن بأسمائهم في آيات كثيرة ، وأمرهن بتعلم الكتاب والسنة من أنهن مجزيات على أعمالهن في الدنيا والآخرة.     في هذا الصدد ، يقول الأستاذ الإمام محمد رشيد رضا رحمه الله : ” هذه الدرجة التي رفع النساء إليها ، لم يرفعهن إليها دين سابق ، ولا شريعة من الشرائع ، بل لم تصل إليها أمة من الأمم قبل الإسلام ولا بعده ..” . لذلك ، فإن اعتبار المرأة في المجتمع الإسلامي ، كاعتبار الرجل على الوجه الذي لا يخرجها عن أحكام الإسلام وآدابه الخاصة بالنســاء دون الأحكام الخاصة بالرجال . في هذا السياق ، يقول عز وجل : ” ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ، للرجال نصيب مما اكتسبوا ، وللنساء نصيب مما اكتسبنفهي تتعلم وتعلم ، ويؤخذ عنها العلم ، وتشهد فيما لا يطلع عليه الرجال من أحوال النساء ، فتكون شهادتها في ذلك كشهادة الرجل ، وتقوم بتمريض المرضى ومداواة الجرحى ، وتتولى مسؤوليات ومهام وغير ذلك .. فالمرأة إذن نصف الإنسان ، يتوقف ظهور مميزاته على وجودها توقفه على وجود الرجل .
     
في فصل خصصه المرحوم الأستاذ علال الفاسي في كتابه : النقد الذاتي ، حول موضوع الأسرة والمرأة ، يقول : ” إن من حق المرأة أن تتساوى مع الرجل المساواة التي لا تتنافى مع طبائع الأشياء . ولذلك ، يمكنها أن تشارك في الصالح العام بالخدمة والفكر والإرشاد ، يمكنها أن تشغل مركز العمل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في الجماعة وفي الدولة . وكل ما يدعيه الناس نقصا في المرأة من مستوى القدرة الموجودة عند الرجل  فليس إلا من آثار ما صنعته أجيال الاضطهاد وعصور الانحطاط ، وإن المرأة لقادرة إذا تركت وشأنها أن تصل للقيام بجلائل الأعمال ومهمات الأمور” .
 
يستشف من هذا الكلام أن المرأة صانعة الرجال ، بما لها من تجدر في تراب هذا الوطن وثقافته وحضارته العريقة ، ذلك أنها على الدوام ظلت تعكس أصالة عميقة وقيما سامية .     فقد تميزت في عوالم كثيرة كالأدب والتربية والثقافة والفن والتدريس والسياسة والاقتصاد وتدبير المقاولة والإعلام والبحث العلمي ، دون نسيان التضحيات التي تبذلها النساء داخل البيت .. فهن فاعلات في شتى الحقول والمجالات .
          
نذكر هنا أن للشيخ أبي العباس أحمد بن ناصر رسالة يطلبه فيها أبو العباس أحمد بن محمد بن حرمة الله الحميري أن يمنحه كتابا مفتوحا لأهل داره يذكرهن بما عليهن من حقوق الله وحقوق الأهل ، ويحفظهن على القيام بها ، ففعل .. وهذا شأن النصحاء المخلصين ، وهو العناية بالمرأة وتعليمها تعليما صحيحا يتسنى لها معه القيام بواجباتها المنوطة بها في ميدان الحياة . وما تأخرت الأمة الإسلامية إلا بإهمال التربية ، حتى إنه ليخيل لكثير من الناس أن النساء إنما خلقن للتمتع بهن فقط ، ونسواأنهن شقائق الرجال في الأحكامولهن المقام الأول في رقي الأمم وبلوغها لمستوى الرفعة ، كما لهن المقام الأول في انحطاط الأمم ونزولها من عليائها إلى الحضيض السافل مع العجماوات .. ولم يكن الإسلام ليهمل المرأة ، بل جاء في الصحيح للبخاري وغيره أن صاحب الشريعة الإسلامية صلوات الله عليه ، كان يعلم النساء ويعظهن ويعرفهن بواجباتهن في الحياة . ونسج الخلفاء على منواله حتى كان منهن في صدر الإسلام المفتيات والعالمات ومن يرجع لهن في الأحكام وغيرها

يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 × اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض