
الدكتور عباس الجراري ، شخصية موسوعية متعددة العطاءات -الحلقة 13
إعداد : د. منير البصكري الفيلالي
وتأسيسا على هذا الأمر ، شغل ويشغل فن الملحون أستاذنا الجليل الدكتور عباس الجراري منذ فترة غير يسيرة . نحن نعلم جيدا مدى تمسكه ـ حفظه الله ـ بالهوية والذاتية والشخصية المغربية . من هنا ، كان منطلقه في تناول التراث المغربي والفكر المغربي والهوية المغربية ، خاصة موضوع الملحون من حيث هو ذاكرة ، وفي سياق واقعه من منظور الآفاق التي تنتظره . ولا يخفى على أحد أن فن الملحون جزء مهم وركن ركين في التراث الشعبي بصفة خاصة والتراث الفكري والثقافي بصفة عامة .. وهو أيضا مع بقية أنواع التراث الأخرى ، مكون لذاتيتنا وهويتنا ، ولا يمكن التفريط فيه . نظر إليه أستاذنا كواقع أدبي وفني مكتمل الأوصال ، أي أنه اكتمل في مضامينه وأشكاله وأساليب تقديمه وترديده وإنشاده ..
وهكذا ، انبرت جهود أستاذنا إلى البحث في الملحون وفق منهج ورؤية علمية دقيقة ، ودراسة جادة تناولت هذا الشعر بالجمع والتدوين والوصف والتصنيف والتحليل ، دراسة خالصة لوجه العلم ، لا يفل من عزمها إهمال المهملين ، ولا ازدراء المزدرين ، ولا إنكار الجاحدين .
يتضح مما سبق ، ما قام به الدكتور عباس الجراري من دور كبير في النهوض بالحياة الثقافية والفكرية والأدبية بالمغرب وخارجه ، وما ساهم به في التأطير والتكوين العلمي لأجيال من الطلبة والباحثين، مدافعا بقوة في عدد من مقالاته ومحاضراته وكتبه عن الثقافة المغربية والعربية الإسلامية ، إلى جانب الرد على الشبهات والتهم التي يراد إلصاقهما بالإسلام من قبيل الإرهاب والتطرف والانغلاق .
من هذا المنطلق ، عمل أستاذنا الجليل على تجديد دعوته إلى بلورة استراتيجية ثقافية ، بل والعمل على ” تثوير الثقافة ” من خلال تحريك عناصرها القوية ومقوماتها الحية، لتنهض بالدور المنوط بها في التوجيه والتقويم .
يتبع …