
النقاب في المدارس المغربية: أزمة جديدة بين التقاليد والقوانين
تشهد المدارس المغربية هذه الأيام جدلاً محتدماً حول ارتداء النقاب أو الخمار داخل المؤسسات التعليمية، حيث أصبح هذا الزي، الذي ارتبط في السابق بثقافات أخرى بعيدة عن الثقافة المغربية، موضة حديثة لدى بعض الأوساط الشبابية في المغرب، ليتحول فيما بعد إلى قضية مجتمعية في الأوساط التعليمية.
خلال الأسبوع الماضي، انفجرت الأزمة في حادثتين منفصلتين بمدينتي قلعة السراغنة وبوسكورة، حيث حاولت إدارات بعض المؤسسات التعليمية منع التلميذات من ارتداء النقاب أثناء الحصص الدراسية، ففي قلعة السراغنة، واجهت أربع تلميذات بثانوية المربوح خلافاً مع مدير المؤسسة، الذي شدد على ضرورة الالتزام بالقانون الداخلي الذي يلزم التلميذات بارتداء الزي الموحد والكشف عن الهوية. ورغم أن التلميذات يدَّعِين أن المدير منعهن من دخول المؤسسة، إلا أن الإدارة نفت ذلك وأكدت أنهن يواصلن دراستهن بشكل طبيعي، فيما لا يزال النقاش قائماً مع أولياء الأمور.
إحدى التلميذات، التي قادت هذا الخلاف، كانت الوحيدة التي ارتدت النقاب في العام الماضي، قبل أن تنضم إليها ثلاث فتيات أخريات هذا العام، هذه التلميذة أكدت أنها تعرضت لمضايقات بسبب ارتدائها للنقاب، ما اضطرها للانقطاع عن الدراسة لمدة شهر، وبعد تدخل أساتذتها لتنيها عن هذا القرار علما أنها متبوعة بالامتحان الإشهادي للسنة الأولى باكالوريا، عادت للفصول الدراسية، كما أوضحت أن والدها، بعد محادثة مع المدير، طلب منها التخلي عن النقاب والاكتفاء بالخمار.
الحادثة الأخرى وقعت في بوسكورة، حيث مُنعت تلميذة في السنة الأولى باكالوريا من دخول ثانوية أبي حيان التوحيدي بسبب ارتدائها للنقاب، هذه التلميذة كانت تتابع دراستها في مؤسسة أخرى قبل أن تنتقل إلى المؤسسة الحالية بعد اختيارها شعبة الاقتصاد، مؤكدة أنها لم تواجه أي مشاكل مع ارتداء النقاب في مدرستها السابقة، وأن فتيات أخريات كن يرتدين النقاب معها.
المدارس المغربية لم تكن تواجه هذا النوع من القضايا في السابق، لكن انتشار ثقافات وتيارات دينية جديدة في العقود الأخيرة، مع تأثيرات حركات وأحداث دولية، أدخل بعض الأسر والتلميذات في صراعات ثقافية واجتماعية حول الهوية واللباس، هذه الصراعات تعكس تعقيدات التوفيق بين التقاليد الدينية من جهة، واحترام القوانين المدرسية والنظام التعليمي من جهة أخرى، ما يثير تساؤلات حول مستقبل هذه الظاهرة والتعامل معها في المدارس المغربية.