
المدينة القديمة في البيضاء تثور ضد “الترياب”
MCG24
تشهد المدينة القديمة بالدار البيضاء، وخاصة المناطق المحيطة بمشروع المحج الملكي بمقاطعة سيدي بليوط، حالة من التوتر والاحتقان الشعبي المتزايد منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، هذه المناطق تغلي تحت وطأة قرارات هدم وصفت من قبل الساكنة بالعشوائية وغير العادلة، حيث تعتبر أنها تُنفذ دون مراعاة لأي مقاربة تشاركية، ودون أن يتم فتح قنوات حوار بين المسؤولين والسكان المتضررين، أو تقديم بدائل واضحة.
في خطوة احتجاجية ملفتة، خرج مئات المواطنين بشكل عفوي إلى الشوارع، معبرين عن استيائهم العميق إزاء ما وصفوه بـ “الحكرة”. مظاهرات الغضب التي انطلقت في عدد من الأحياء تطورت لتصل إلى شارع الجيش الملكي، أحد المحاور الرئيسية للمدينة، حيث شهدت وقفة احتجاجية حاشدة، هذه الوقفة لم تكن عادية، فقد قابلها إنزال أمني كثيف، إذ تم نشر مختلف الأجهزة الأمنية في محاولة لضبط الوضع ومنع تصعيد الاحتجاجات، مع إعداد تقارير مفصلة حول الأحداث تمهيدًا لاتخاذ قرارات مستقبلية في الموضوع.
ورغم الحضور الأمني المكثف، أكد المحتجون تمسكهم بمطالبهم، معتبرين أن قرارات الهدم الجارية تمس بحقهم في السكن الكريم. ورأى الكثير من السكان أن هذه العمليات لا تراعي الظروف الاجتماعية الصعبة التي يعيشونها، خاصة في ظل عدم توفير السلطات لأي بدائل ملموسة أو ضمانات لتعويضهم عن الخسائر المحتملة التي قد تترتب عن هذه الإجراءات.
وفي مقابلات أجرتها قناة MCG TV مع بعض المحتجين، عبّر السكان عن شعورهم بأنهم خذلوا وكذا شعورهم بالإحباط نتيجة عدم التواصل معهم أو إشراكهم في صنع القرارات المتعلقة بمصير أحيائهم، وصرح أحد المتظاهرين قائلاً: “نحن لا نرفض التطوير أو التغيير، لكن نرفض أن يتم إقصاؤنا من الحوار، نحن نطالب بالاحترام والإنصاف”. كما أضاف آخر أن “الهدم العشوائي دون تقديم حلول تعويضية يُعتبر تعديًا على حقوقنا كمواطنين، لن نقبل أن نصبح ضحايا هذه السياسات غير المدروسة”.
وتشير تصريحات الساكنة إلى أن الوضع مرشح لمزيد من التصعيد إذا ما استمر التعامل مع القضية بهذه الطريقة. الساكنة يهددون بتنظيم مزيد من الوقفات الاحتجاجية في الأسابيع المقبلة، مؤكدين أن صوتهم لن يُخمد إلا بإيجاد حلول عادلة ومناسبة تحترم حقوقهم وتضمن لهم بدائل حقيقية.
يُذكر أن هذه الاحتجاجات تأتي في سياق مشروع المحج الملكي، الذي يعتبر أحد أبرز مشاريع التطوير الحضري في الدار البيضاء، والذي يهدف إلى إعادة تأهيل المدينة القديمة وتحسين البنية التحتية فيها، ورغم الأهداف الطموحة للمشروع، فإن تنفيذه يواجه تحديات كبيرة في ظل المعارضة القوية من السكان الذين يخشون أن يؤدي هذا التطوير إلى تهجيرهم من منازلهم وتشريدهم دون تعويضات مناسبة.
المستقبل يبدو غامضًا بالنسبة لسكان هذه الأحياء، إلا أن الواضح هو تصميمهم على مواصلة النضال من أجل حقوقهم، مطالبين بفتح حوار جاد ومثمر مع السلطات المحلية قبل تفاقم الأوضاع.