
إندرايف ولا طاكسي.. أمّا حسن!؟
عبد اللطيف أفلا
منذ أن فتحت شركة “فيتش الفرنسية” بوابة النقل عبر التطبيقات على مصراعيها بالمغرب بشكل علني خلال فترات الحجر الصحي، تولدت علاقة متوترة بين سائقي سيارات الأجرة، وسائقي التطبيقات، yango.. Indrive .. و غيرها من التطبيقات الأخرى، كما تفجر نوع من العداء لدى الركاب إزاء عدوانية أصحاب الطاكسيات تجاه منافسيهم، وبشكل خاص على صعيد مدينتي الدار البيضاء والرباط. والواقعة الأخيرة لاعتداء سائق الطاكسي على صاحب التطبيق وزبونه الديبلوماسي، تجهر بالقضية المعاصرة جهارا نهارا.
صراع خفي وظاهري يجري على مدار الساعة بين هؤلاء الثلاثي منذ أعوام، ويزداد تفاقما لحظة بلحظة، والقرار الحاسم للمسؤولين حول حل الإشكالية لا يزال غامضا.. ولكن الكلمة الأولى والأخيرة للمستهلك، الذي يلهث نحوه السائقون.
اقترابا من الحقيقة التي قد لا تخفى على أحد، والتي تتوحد جميعها نصرة للنقل بالتطبيقات بين الناس كما على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن لمزيد من المصداقية والموضوعية استجوبنا المواطن، وسائق الطاكسي، وصاحب تطبيق “إندرايف”، فتبين بأن المشكل في هذا الصراع، هو الطاكسي لدوافع مادية سببها، ثقل ومضايق أصحاب الكريمات.
بدأت فكرة هذا المقال في مقهى، حيث اشتعل نقاش حاد بين أشخاص وسائق طاكسي صغير اعرفه كل المعرفة، واشتد الجدال حول اتهام أصحاب سيارة الأجرة بانعدام الضمير المهني، وغياب أخلاقيات المهنة، وهو ما جذب صاحبي وبعصبية بالغة بالدفاع عن الطاكسي وإلقاء اللوم على المواطن بدعوى أنه يتذرع برفض الطاكسي لبعض الوجهات، ورفضه حمل أكثر من شخص واحد، وهو ما جعل أصحاب “إندرايف” يركبون على هذا الادعاء.
وكي نكون على بينة من واقع تدهور مهنة الطاكسي بسبب تجاهل أخلاقيات المهنة من أغلب السائقين، أخذت صاحب الطاكسي، وشخص كان معنا لتجربة استقالة الطاكسي عشية أمس بإحدى شوارع مدينة الدار البيضاء.. حتى مر علينا 9 سيارات أجرة دون التوقف ولو للاستفسار عن الوجهة، لأننا كنا 3 أشخاص، ثم طلبت من الشخص الثالث ان يختبر تطبيق “إندرايف”، شرط ألا يتدخل سائق الطاكسي أبدا، لكنه فضل عدم استعمال التطبيق تحاشيا لمشاداة أخرى، مؤكدا أن الكل يعرف ان النقل عبر التطبيق سريع الخدمة.
تملك صاحب الطاكسي العجب والتبكم والغلبة امام الواقع الحقيقي الذي لا يخفى حتى على أبنائه، لكنه يحاول نكرانه، قائلا:
“.. بْحالكم اللي كايشجعو علا لفوضى ولعشوائية، وما يمكنش لينا نحكمو على الطاكسي بهاد الطريقة.. ها روسيطا، ها التغطية الصحية للي تفرضات علينا.. ها لغلا..”
يقول عبد الله سائق مهني لطاكسي صغير، وكذلك يعمل بتطبيق “اندرايف”:
” دوي علينا و جي علينا.. بلا مانكدبو علا راسنا.. حنا مالين الطاكسيات للي درناها لراسنا.. لقليل فينا لي خدام بضمير ومسؤولية، او كايحتارم المواطن.. علاش للي ما نهزوش 3..! علاش كانتشرطو علا ناس! علاش كانديرو الطريفة أو نحيدو الكونتور حدا محطات تران..!. علاش للي ما نهزش مرا كبيرة ولا راجل شيباني..!. إيلا فعلا العمل عبادة خاصنا نخدمو بحال النهار لول ليبدا فيه الطاكسي.. شيفور لابس نقي، مايمكنش يكمي فالطاكسي ولا يخدّم الراديو، ولا يهز كثر من لكليان اللول بلا ما يتشاور معاه.. هادشي ليوما مابقاش.. أنا مراسي وجبد نهار دخلو التطبيقات خدمت معاهم، أو فأي وقت نقدر نحط الطاكسي فخطرة وحدة او نكمل مع التطبيقات..”
لأخذ موقف مغاير حول هذا الصراع الذي يجري، صرح لنا سائق مهني بما يلي:
“شوف أو خويا.. الصراحة المسؤولين ما دايرينش خدمتهوم، او حنا ولينا في صراع بيناتنا، أو فللخر حنا للي خايبين قدام الكليان، ولينا حنا للي مامزيانينش.. علاش؟!
يحسن عوان مول الطاكسي.. لكريما مكتفاه، المصاريف لغلاء، أو ولا كايشوف لكليان ديالو بدا يقلال، أو اللي خاصهوم يلقاو لحل ما كاينينش هنا.. مول التطبيق حتى هوا مواطن خدام، او خاصو يخدم ما كلناش لا، ولكن ولا كايبان لينا هو الرابح وسط هاد المعمعة كلها، واخا عيينا من التبليغ عليه.. حنا للي كانطالبو هو تقنين النقل الحضري، باش كلا واحد يخدم مرتاح.. لا حنا لا هوما، كلنا خوت.. كلنا مغاربة.. وحتى واحد ما عاجبوا هادشي للي طرا هاد ليام، التهجم على ديبلوماسي، خاص الدولة تدخل، حيت كاين للي مريض بالعصاب، أو عندوا مشاكل او علم الله شنو بيه، يقدر يعاود بحال هذا التصرف للي غير لائق او غير مسؤول.. حنا بغيا الخير لهاد لبلاد ولينا كاملين، او حنا واعيين بلي صعيب علينا نهزو الناس ديال كازا كولهوم، فما بالك بالجماهير ديال كاس العالم، هانتا كاتشوف الصوبيسات عامرين، الترامواي عامر، الباصواي عامر، الطاكسي لكبير.. صغير.. حنا للي كانطالبو يدار.. شي حل قريب باش كلا واحد يعرف للي عليه وشد طريقو.. را الرزق بيد الله.”
مواصلة لتحقيقنا الميداني سألنا شابا يعمل بتطبيق “إندرايف”، فأدلى بما يلي:
“الصراحة وليت خايف علا راسي، فأي لحظة نتشد ولا يهجم علي شي مول الطاكسي، ولكن آش غاندير.. الخدمة ضروري، أو الحاجة اللي بقات فيا هي أنني كنت خدام فالسعودية، وكنت ملي كانسالي الخدمة، مرة مرة كانخدم بتطبيق “أوبر” اللي شراتو الإمارات أو ولا سميتو “كريم”، او كنت كانخدم حدا مالين الطاكسيات، ولو شي واحد يدوي ولا يكول ليك علاش، كانخدم بلا تخبيا.. ولكن هنا فلمغرب غي كانغامرو وصافي..
الحاجة للي ناقصانا فنضري هي شوية ديال الوعي، حيت الكليان ديال التطبيقات ماشي هو نفس الكليان ديال الطاكسي، أو التطبيقات كيحقق كرامة المواطن و الحرية ديالو، والاستقلالية، بحال إيلا عندو شيفور خاص بيه.. واش مثلا غادي تلقا طاكسي يديك لمدينة الرحمة..؟ مسحيل تلقاه لا بليل لا بنهار.. واش الطاكسي غادي يهز 4 ولا 5 ناس، مايمكنش.. إذن غي بنادم يخدم عقلو شوية أوغادي يفهم بلي حتا واحد مغياخد ليه رزقو.. هاهي الجماهير ديال كاس العالم جاييين أو كولهوم عادي عندهم يركبو بالتطبيق بحال فلعالم كولو، واش حنا غادين لقدام ولا لور، أو قبل من أي حاجة اللي خاص هو تحل هاد المشكيلة ديال لكريما..”
ولأن الكلمة الأخيرة والحاكمة للزبون، فالسيدة فاطمة تقول لجريدتنا MCG24:
“حنا ماشي ضد الطاكسيات، ولكن هما السبب، شحال من مرة كانبقا واقفة كثر من ساعة باش نمشي من سبيطار 20 غشت لمدينة، او تغول واش يوقف شي واحد، او شحال من مرة كانبقى غاديا علا رجلي حتى شارع 2 مارس باش لقا طاكسي، او المشكيل واخا يكون خاوي ما يوقفش ليك، ولكن ملي بنتي دخلات ليا التطبيق فتيليفوني شي عاماين هادي، وانا مابقاش عندي مشكيل فلمركوب فدار البيضاء كلها، لا ليل لا نهار.. أنا للي كانغول لمول طاكسي، فبلاصت تبقا حاضي مالين “إندرايف” خدم بضمير، أو اللي شير ليك وقف ليه او ديه فينما بغا، بيّن خدمتك..!”
قراءة لهاته الآراء وتمعنا في المواقف التي رصدنا في تحقيقنا هذا، يبقى الدور الكبير والرئيس للمعنيين بالنقل الحضري، لإقرار قانون يضبط وينظم النقل العمومي، ويضع حدا للصراع والشجار بين النقل بالطاكسي والنقل بالتطبيقات، لأن حقيقة مزايا النقل بالتطبيقات واقع لا يمكن حجبه بالغربال، وآراء جل المواطنين بكل جهات المملكة المغربية تجدها حية متجددة على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى لسان الناس في الشارع، متشابهة تشد لجهة التطبيقات، مما يعني أن تواجدها جنب أصحاب الطاكسيات لا مفر منه مسايرة للتطور وتحقيقا لكرامة المواطن في تحقيق حرية التنقل لديه بكل رفاهية.