
الاتفاقيات المباشرة “ريع” آن أوان محاصرته
تسعى الجماعات الترابية، وخاصة المجالس الجهوية، جاهدة للعثور على “طرف حكومي ثالث” لاستيفاء شروط التوقيع على اتفاقيات الشراكة مع جمعيات ومراكز تكوين وبحوث، ويأتي هذا بعد أن أثارت الجهات الرسمية المخولة بمراقبة هذه الاتفاقيات قضايا مرتبطة بما وصف بـ “ريع الاتفاقيات المباشرة”، التي تستفيد منها جهات معينة بشكل يفتقر إلى الشفافية.
وغالبًا ما ترفض وزارة الداخلية التأشير على اتفاقيات شراكة لا تحترم الشروط والمعايير القانونية المعتمدة، والتي تتضمن الالتزام بالمساطر والدلائل المؤطرة لهذا النوع من التعاقدات، إذ يأتي ذلك ضمن جهود الوزارة لضمان تخليق الحياة العامة وضبط إنفاق المال العام، مما يحد من تجاوزات طالما استغلتها بعض الجمعيات.
فرغم تلك الجهود، تسلل عدد من الجمعيات والمراكز والهيئات إلى موارد المال العام دون أن تتوفر على صفة المنفعة العامة، وغالبًا ما كانت علاقات القرب الحزبي أو العائلي كافية للحصول على اتفاقيات بملايين الدراهم، بمجرد التوقيع عليها في دورات عادية للمجالس الجهوية دون رقابة حقيقية على مدى استحقاقها.
يتكرر هذا السيناريو في جداول أعمال العديد من المجالس الجهوية، كما هو الحال بالنسبة لمجلس جهة الدار البيضاء-سطات، فرغم استناد هذه الشراكات إلى مرجعيات دستورية وقانونية واضحة، فإنها تفتقر في معظم الأحيان إلى رؤية شمولية تهدف إلى تعزيز الشفافية وتخليق العلاقات التشاركية، مما يجعلها عرضة للمحاباة وسوء التدبير.
كشفت الوثائق أن بعض الجمعيات استفادت من التمويل العام دون التزامها بمعايير الحكامة الداخلية، مثل احترام مواعيد الاجتماعات العامة أو الالتزام بجدول زمني واضح، كما أن بعض الجمعيات تفتقر إلى الإمكانيات البشرية والمادية اللازمة لتنفيذ المشاريع، فيما لا تمتلك أخرى مقرًا مناسبًا أو سجلًا حافلًا بالإنجازات يؤهلها للحصول على الدعم.
على الجانب الآخر، تواجه منظمات المجتمع المدني المستقلة صعوبة في الحصول على الدعم العمومي بسبب غياب الشفافية وغياب نصوص قانونية ملزمة، وأشار تقرير برنامج “الحكومة المنفتحة بالمغرب” إلى عدة إشكاليات، منها صعوبة الوصول إلى المعلومات المتعلقة بمساطر وإجراءات الاستفادة من الدعم، وغياب آليات لتوزيع الدعم بشكل عادل بين الجهات المختلفة والمشاريع الممولة.
يبرز غياب إطار قانوني واضح لإدارة برامج الدعم العمومي كأحد أكبر التحديات التي تواجه تعزيز الشفافية، ويعدّ تفعيل بوابة إلكترونية موحدة مثل “بوابة شراكة” خطوة ضرورية لضمان انخراط جميع الفاعلين الحكوميين وتسهيل ولوج الجمعيات المؤهلة إلى التمويل بشكل شفاف وعادل.