تأملاتسلايدر

في رحاب الرضى بالإسلام دينا

عبد الرحمان بن أحمد سورسي

 في رحاب الرضى بالإسلام دينا
” ليزداد الذين ءامنوا إيمانا”

الحمد لله الذي أنزل علينا كتابا كالشمس وضحاها، وأرسل إلينا رسولا كالقمر إذا تلاها، فمن اقتدى بهما عاش في ضوء النهار إذا جلاها، ومن أعرض عنهما تخبط في ظلمة الليل إذا يغشاها، وأشهد أن لا إله إلا الله خلق النَفْس فسَوَّاهَا، فأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قد أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وقد خَابَ مَن دَسَّاهَا، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي أخبره ربه أنه أهلك ثمودا بطغواها، وأنه سبحانه وتعالى لا يخاف عقباها، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه من أمته أولاها وأخراها.

أما بعد فيا أيها الإخوة المؤمنون،

قدمنا لكم نبذة متواضعة من ترجمة العلامة الشيخ الإمام أبوا الفضل القاضي عياض بن موسى بن عياض اليحصوبي المالكي المذهب.
والهدف من هذا العمل الجليل هو رعاية ديننا وتحريض شبابننا المتعطش على معرفة العلوم الشرعية  وتوثيق رجالها.
وقد قيض الله لهذه الأمة رجالاً يضعون خوف الله بين عيونهم، وهم يترجمون لرجال الحديث بكل أمانة وموضوعية، لأنهم يرون هذا الحديث ديناً، فهم يتحرون عمن يأخذون عنهم دينهم، ولهذا فقد حظي هذا العلم بقسط كبير من المصداقية،
أما علم التراجم عموماً فإنه يعد فرعاً من فروع علم التاريخ، الذي يحتاج إليه العالم وطالب العلم على السواء، إذ به يعرف المتأخرون أحوال من تقدمهم من الرجال والعلماء، وبه يُعرف وفاء المتأخرين لمن تقدمهم من أهل العلم والفضل ومن باب نشر العلم نقدم إخواني أخواتي سلسلة من كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. رغبة في طلب العلم وفضله.
لأن طلب العلم أساسُ الوصول إلى صحةِ الاعتقادِ وتمام العباداتِ؛
وهو عبادةٌ موصِلةٌ إلى رضى الله ورسوله.
طلب العلم طريقٌ يهيّؤه الله لعبده حتى يصل به إلى الجنة، فقد رُوي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عن رَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: ( .. مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا إلى الجنة، فقد رُوي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عن رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: ( .. مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ..).[٦] وبطلب العلم ينال المسلم ويكسبُ خشية الله ومخافته، ويوصله علمه إلى التواضع للخَلق ولين الجانب لهم وبسط يد الرحمة والمحبة بينهم، قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّه مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) ولن ترتقي أمة إلا إذا استضاءت بنور العلم، ولا يبني المجدَ سوى العلماء، وما من شيء بعد النبوة أفضل من نشر العلم، والعمل على تذليل طرق تعلمه وتحصيله.
أيها الإخوة والأخوات ها انا أسوق لكم مقدمة رائعة مستوفة لجميع الأغراض الصالحة من كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى.
ومن خلال القراءة والتفاعل مع هذا الكتاب المبارك يحضى القارء الكريم بالعلم النافع والقلب الخاشع والرزق الواسع ناهيك عن أجر وثواب العمل فيما يرضي الله تعالى. وصدق الله العظيم إذ يقول
(ومن أحسن قولا ممن دعى الى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين)الآية.
سائلين المولى جل وعلا أن يمن علينا وعليكم بموفور الصحة البدنية والايمانية وان يلطف ببركة سرده وختمه الأمة جمعاء إنه لطيف لما يشاء إنه هو العزيز الحكيم.
باسم الله الرحمن الرحيم

قال الفقيه القاضي الإمام الحافظ أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي رضي الله عنه : الحمد لله المتفرد باسمه الأسمى المختص بالملك الأعز الأحمى الذي ليس دونه منتهى و لا وراءه مرمى الظاهر لا تخيلا و وهما الباطن تقدسا لا عدما وسع كل شيء رحمة و علما و أسبغ على أوليائه نعما عما و بعث فيهم رسولا من أنفسهم عربا و عجما و أزكاهم محتدا و منمى و أرجحهم عقلا و حلما و أوفرهم علما و فهما و أقواهم يقينا و عزما و أشدهم بهم رأفة و رحمى و زكاه روحا و جسما وحاشاه عيبا و وصما و آتاه حكمة و حكما و فتح به أعينا عميا و قلوبا غلفا و آذانا صما فآمن به و عزره و نصره من جعل الله له في مغنم السعادة قسما و كذب به و صدف عن آياته من كتب الله عليه الشقاء حتما و من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى صلى الله عليه و سلم صلاة تنمو و تنمى و على آله و سلم تسليما كثيرا
أما بعد أشرق الله قلبي و قلبك بأنوار اليقين و لطف لي و لك بما لطف لأوليائه المتقين الذين شرفهم الله بنزل قدسه و أوحشهم من الخليقة بأنسه و خصهم من معرفته و مشاهدة [ 2 ] عجائب ملكوته و آثار قدرته بما ملأ قلوبهم حبرة و وله عقولهم في عظمته حيرة فجعلوا همهم به واحدا و لم يروا في الدارين غيره مشاهدا فهم بمشاهدة جماله و جلاله يتنعمون و بين آثار قدرته و عجائب عظمته يترددون و بالإنقطاع إليه و التوكل عليه يتعززون لهجين بصادق قوله : { قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون } ( سورة الأنعام / 6 : آية 91 )
فإنك كررت علي السؤال في مجموع يتضمن التعريف بقدر المصطفى عليه الصلاة و السلام و ما يجب له من توقير و إكرام و ما حكم من لم يوف واجب عظيم ذلك القدر أو قصر في حق منصبه الجليل قلامة ظفر و أن أجمع لك ما لأسلافنا وأئمتنا في ذلك من مقال و أبينه بتنزيل صور و أمثال
فاعلم – أكرمك الله – أنك حملتني من ذلك أمرا إمرا و أرهقتني فيما ندبتني إليه عسرا و أرقيتني بما كلفتني مرتقى صعبا ملأ قلبي رعبا فإن الكلام في ذلك يستدعي تقرير أصول و تحرير فصول و الكشف عن غوامض و دقائق من علم الحقائق مما يجب للنبي صلى الله عليه و سلم ويضاف إليه أو يمتنع أو يجوز عليه و معرفة النبي و الرسول و الرسالة و النبوة و المحبة و الخلة و خصائص هذه الدرجة العلية و ها هنا مهامه فيحتار فيها القطا و تقصر بها الخطا و مجاهل تضل فيها الأحلام إن لم تهتد بعلم علم و نظر سديد و مداحض تزل [ 3 ] بها الأقدام إن لم تعتمد على توفيق من الله وتأييد
لكني لما رجوته لي و لك في هذا السؤال و الجواب من نوال و ثواب بتعريف قدره الجسيم و خلقه العظيم و بيان خصائصه التي لم تجتمع قبل في مخلوق و ما يدان الله تعالى به من حقه الذي هو أرفع الحقوق ليستيقن الذين أوتوا الكتاب و يزداد الذين آمنوا إيمانا و لما أخذ الله تعالى على الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس و لا يكتمونه
و لما حدثنا به أبو الوليد هشام بن أحمد الفقيه بقراءتي عليه قال : [ حدثنا الحسين ابن محمد حدثنا أبو عمر النمري حدثنا أبو محمد بن عبد المؤمن حدثنا أبو بكر محمد ابن بكر حدثنا سليمان بن الأشعث حدثنا موسى بن اسماعيل حدثنا حماد حدثنا علي بن الحكم عن عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة ] فبادرت إلى نكت مسفرة عن وجه الغرض مؤديا من ذلك الحق المفترض اختلسها على استعجال لما المرء بصدده من شغل البدن و البال بما طوقه من مقاليد المحنة التي ابتلى بها فكادت تشغل عن كل فرض و نفل و ترد بعد حسن التقويم إلى أسفل سفل و لو أراد الله بالإنسان خيرا لجعل شغله و همه كله فيما يحمد غدا أو يذم محله فليس ثم سوى حضرة النعيم أو عذاب الجحيم و لكان عليه بخويصته و استنفاذ مهجته و عمل صالح يستزيده و علم نافع يفيده أو يستفيده
جبر الله صدع قلوبنا و غفر عظيم ذنوبنا و جعل جميع [ 3 ] استعدادنا لمعادنا و توفر دواعينا فيما ينجينا و يقربنا إليه زلفة و يحظينا بمنه و كرمه و رحمته
و لما نويت تقريبه و درجت تبويبه و مهدت تأصيله و خلصت تفصيله و انتحيت حصره و تحصيله ترجمته ب :الشفا بتعريف حقوق المصطفى ” و حصرت الكلام فيه في أقسام أربعة :

القسم الأول : في تعظيم العلي الأعلى لقدر هذا النبي قولا و فعلا و توجه الكلام فيه في أربعة أبواب :
الباب الأول : في ثنائه تعالى عليه و اظهاره عظيم قدره لديه و فيه عشرة فصول
الباب الثاني : في تكميله تعالى له المحاسن خلقا و خلقا قرانه جميع الفضائل الدينية و الدنيوية فيه نسقا و فيه سبعة و عشرون فصلا
الباب الثالث : فيما ورد من صحيح الأخبار و مشهورها [ 4 ] بعظيم قدره عند ربه و منزلته و ما خصه به في الدارين من كرامته و فيه اثنا عشر فصلا
الباب الرابع : فيما أظهره الله تعالى على يديه من الآيات و المعجزات و شرفه به من الخصائص و الكرامات و فيه ثلاثون فصل.

القسم الثاني : فيما يجب على الأنام من حقوقه عليه السلام و يترتب القول فيه في أربعة أبواب :
الباب الأول : في فرض الإيمان به و وجوب طاعته و اتباع سنته و فيه خمسة فصول
الباب الثاني : في لزوم محبته و مناصحته و فيه ستة فصول
الباب الثالث : في تعظيم أمره و لزوم توقيره و بره و فيه سبعة فصول
الباب الرابع : في حكم الصلاة عليه و التسليم و فرض ذلك و فضيلته و فيه عشرة فصول.

القسم الثالث : ـ فيما يستحيل في حقه و ما يجوز عليه شرعا و ما يمتنع و يصح من الأمور البشرية أن يضاف إليه
و هذا القسم ـ أكرمك الله ـ هو سر الكتاب و لباب ثمرة هذه الأبواب و ما قبله له كالقواعد و التمهيدات و الدلائل على ما نورده فيه من النكت البينات و هو الحاكم على ما بعده و المنجز من غرض هذا التأليف و عده و عند التقصي لموعدته و التفصي عن عهدته يشرق صدر العدو اللعين و يشرق قلب المؤمن باليقين و تملأ أنواره جوانح صدره و يقدر العاقل النبي حق قدره و يتحرر الكلام فيه في بابين [ 5 ] :
الباب الأول : فيما يختص بالأمور الدينية و يتشبث به القول في العصمة و فيه ستة عشر فصلا
الباب الثاني : في أحواله الدنيوية و ما يجوز طروءه عليه من الأعراض البشرية و فيه تسعة فصول.

القسم الرابع : في تصرف وجوه الأحكام على من تنقصه أو سبه صلى الله عليه و سلم و ينقسم الكلام فيه في بابين :
الباب الأول : في بيان ما هو في حقه سب و نقص من تعريض أو نص و فيه عشرة فصول
الباب الثاني : في حكم شانئه و مؤذيه و متنقصه و عقوبته و ذكر استتابته و الصلاة عليه و وراثته و فهي عشرة فصول
و ختمناه بباب ثالث جعلناه تكملة لهذه المسألة [ 5 ] و وصلة للبابين اللذين قبله في حكم من سب الله تعالى و رسله و ملائكته و كتبه و آل النبي رسول الله صلى الله عليه و سلم و صحبه
و اختصر الكلام فيه في خمسة فصول و بتمامها ينتجز الكتاب و تتم الأقسام و الأبواب و تلوح في غرة الإيمان لمعة منيرة و في تاج التراجم درة خطيرة تزيح كل لبس و توضح كل تخمين و حدس و تشفي صدور قوم مؤمنين و تصدع بالحق و تعرض عن الجاهلين و با لله تعالى ـ لا إله سواه ـ أستعين،
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
يتبع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 − 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض