
صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 16
إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
ـ الأستاذ محمد بلخضير، من رجالات الوطنية الحقة بأسفي شاب هادئ صموت أكثر ما يكون الصمت حسب قول الأستاذ الوطني الكبير أبو بكر القادري رحمه الله. ولد السي امحمد بلخضير بمدينة أسفي سنة 1918 في أسرة عرفت بالعطاء والمناعة. التحق كباقي أقرانه بمدرسة مولاي يوسف.بأسفي، ثم انتقل بعدها إلى الرباط قصد متابعة دراسته في كوليج مولاي يوسف أحرز من بين القليلين في ذلك الوقت على شهادة الباكالوريا، مما سمح له بمتابعة دراسته بفرع الجامعة الجزائرية بالرباط، وفيها نال الإجازة في مادة الرياضيات. ويظهر أن السيد بلخضير، كان ناجحا في دراسته فهو من النوابغ المحدودين في ذلك الإبان، خاصة وأن فرنسا كانت بالمرصاد لكل من أراد الاستمرار ومواصلة الدراسة، إذ كانت تسعى إلى أن يبقى المستوى الدراسي للمغاربة محدودا.. لكن بلخضير وأمثاله لم يثنهم ذلك على تحقيق ما كانوا يسعون إليه، خاصة وأن المغرب في أمس الحاجة إلى أطر مغربية حقيقية قادرة على انتشاله من وهدة السقوط فيما كانت تدبر له السلطات الاستعمارية. ولا ننسى أن السيد امحمد بلخضير كان من الرعيل الأول من الشباب الذين ولجوا ميدان التدريس ومقاومة المستعمر، فأبانوا عن البلاء الحسن.. فجمع بين عملين جليلين، واستعداد للمزيد من البذل والتضحية.
ومعلوم عن الأستاذ أمحمد بلخضير أنه كان نشيطا لا يعرف للراحة طعما، دائم الاتصال بأقطاب الوطنية وعلماء السلفية، من ذلك أنه كان وثيق الصلة بالعلامة الفقيه محمد غازي الذي حل بأسفي سنة 1935 ليشتغل وكيلا شرعيا… لقد أفادت مدينة أسفي كثيرا من الأستاذ امحمد بلخضير، كما أفاد منها هو كذلك إذ يقول: “إن مدينة أسفي وأهلها، عشاق للحرية متفانون في الدفاع عنها، وطنيون ملتفون على عرشهم العلوي المجيد، وبذلك كانت هذه المدينة قلعة منيعة منذ بدايات التغلغل الأجنبي، حيث عرفت أشكالا عدة من المواجهات والصراعات من أجل طرد المستعمر…” ويبدو من خلال هذا الكلام أن مدينة أسفي شكلت أول مدرسة في الوطنية الصادقة التي تشبع بها الأستاذ بلخظير ومنها انطلق كالطود مدافعا عن كرامة الوطن إلى جانب ثلة من الوطنيين الغيورين على هذا البلد الأمين. لقد تعددت نشاطاته، وتميزت أعماله.. مما كان له أكبر الصدى في المدينة التي ما تزال تذكره بكل خير، بعد أن أبلى البلاء الحسن في رسم صورة حية للأجيال اللاحقة من شبابنا الذي يغمرهم الطموح الوطني الصادق، للاستمرار في مسيرة البناء والمكاسب والانتصارات التي أحرز عليها المغرب من زوايا الفكر والثقافة والعلم…
توفي السيد امحمد بلخضير يوم 16 شتنبر سنة 2000.. وقد خلف موته حزنا في نفوس كل من عاشره.. نظرا لما كان يعرف عنه من نزاهة واستقامة وحسن خلق، وتواضع جم، وتدبير محكم وتفكير عميق.. كما قال عنه الأستاذ أبو بكر القادري: “لا يباهي ولا يفاخر بوطنيته، فهو وطني ويقدر تمام التقدير رجال الحركة الوطنية الأولين…”.