
الصراع على الماء: فصول جديدة في التوتر الجزائري المغربي
يشهد الملف الجزائري المغربي تصعيداً متزايداً، حيث باتت القضايا الخلافية تتشابك وتتداخل، لتشكل لوحة معقدة من التوترات والاتهامات المتبادلة. وإذا كانت الخلافات السياسية والحدودية قد طغت على المشهد في السابق، فإن قضية المياه برزت مؤخراً كمحور جديد للصراع، مما يثير تساؤلات حول أبعاد هذا الخلاف وتداعياته على المنطقة.
اتهامات متبادلة وأبعاد سياسية
تتبادل الجزائر والمغرب الاتهامات حول مسؤولية كل منهما عن التدهور المائي الذي تشهده المنطقة. فمن جهة، تتهم الجزائر المغرب بـ”استغلال جائر للمياه المشتركة” وبـ”توجيه المياه عن المناطق الجزائرية”، معتبرة أن هذه السياسات هي السبب الرئيسي في الجفاف الذي تشهده بعض المناطق الجزائرية، خاصة تلك القريبة من الحدود. وتأتي هذه الاتهامات في سياق تصعيد دبلوماسي بين البلدين، حيث تسعى الجزائر إلى تحميل المغرب مسؤولية جزء من أزمتها المائية، وتوجيه الأنظار عن السياسات الداخلية التي قد تكون مساهمة في تفاقم المشكلة.
من جهة أخرى، يرفض المغرب هذه الاتهامات، مؤكداً أنها لا تستند إلى أي أساس علمي أو بيئي. ويشير إلى أن الجفاف مشكلة إقليمية تعاني منها دول المنطقة بأكملها، وأن تغير المناخ والتصحر هما السببان الرئيسيان وراء هذا التدهور. ويدعو المغرب إلى التعاون الإقليمي لمواجهة هذه التحديات المشتركة، بدلاً من التناحر والاتهامات المتبادلة.
أبعاد إقليمية ودولية
يتجاوز الصراع على المياه الأبعاد الثنائية بين الجزائر والمغرب، ليحمل في طياته أبعاداً إقليمية ودولية. فالمياه، باعتبارها مورداً حيوياً، تشكل عاملاً أساسياً في الاستقرار الإقليمي والتنمية المستدامة. وبالتالي، فإن أي تصعيد في هذا الملف قد يؤثر سلباً على العلاقات بين الدول، ويشكل تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة.
حلول مستدامة تتطلب تعاوناً إقليمياً
إن الحلول المستدامة لقضية المياه تتطلب بالضرورة تعاوناً إقليمياً، وتبني سياسات مائية مشتركة تأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف. كما تتطلب هذه الحلول حواراً مفتوحاً وبناءً بين الدول المعنية، وتبادلاً للخبرات والمعرفة في مجال إدارة الموارد المائية.
الصراع على المياه بين الجزائر والمغرب هو مؤشر واضح على حدة التوترات بين البلدين، وعلى مدى تعقيد القضايا الخلافية بينهما. ومع تزايد ندرة المياه وتغير المناخ، فإن هذا الملف سيظل يشكل تحدياً كبيراً للمنطقة، ويتطلب من جميع الأطراف التحلي بالحكمة والمسؤولية للوصول إلى حلول عادلة ومستدامة.
محمد الخلفي