
تجليات السيرة النبوية في الشعر الملحون – الحلقة الثالثة عشر
د. منير البصكري الفيلالي / أسفي
لعل ذلك الحل الذي قبلت به القبائل وأرضاها ، ينم عما كان يمتاز به النبي صلى الله عليه وسلم في قومه بأخلاق فاضلة وشمائل كريمة .. وحادثة تجديد بناء الكعبة ، كان فرصة اتثبيت هذه الأخلاق وتلك المكارم في نفوس القوم ، لما جمع فيه صلى الله عليه وسلم من الأحوال الصالحة والخصال المرضية ، فكان كما قالت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها : ” يحمل الكل ، ويكسب المعدوم ، ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق . ” في هذا السياق ، يقول الشيخ سهوم رحمه الله :
اهطل سيل المياه في شعاب أو وطيان بين اجبال واجراف بلغ المصيونة
مكة لمكرمة فزع جمع السكــــــــــان وصل الكعبة وليس كانت محصونة
…
وتم الهــدم في اطمئنــان وأمـــــــان وبدا لبني بجد مــا فيه ليونــــــــة
ومناين وصلوا القامــة فــي البنيــان عاشوا ساعات بالمكاره مشحونـة
وضع الحجرة الساعدة سبة لفتــــان شــرف نزولهــا اللقبايل منــــــى
من يوضعها قبيلته تحيى في الشان وتصير لها قبايل اخرى مديونـــة
…
وقال أبو أمية بــاش حــــد لغنـــــان صغوا لي عندي رأي يوقف لفتانــــــــي
من دخل من باب الصفا الأول وبان تحاكموا عنده لا تضحاوا في المحانــــي
وكان هاد المخزومي من الناس لعيان كهل طاعن في السن ادكي افضيل غاني
وافقوا عن رأيه والتفتوا بالاعـــــيان نحــو بــاب الصافــة ينتظروا الدانـــــي
وبان محمد قالوا كلهـــم بلســــــــان هــا الامين وحكمــه مـا يليــه ثانــــــــي
راضيين به وبحكامه في كــــل أوان بــادروا لعـنـده يـا لامة الابطـانــــــــــي
تعرضوا له وحكاوا سبب كل شنئان قــال أراوا ايـزار لامـة الابطــانــــــــــي
امشى اللي جاب يزار وجا اسريع زربان اخداه نشروا والناس تراه بالاعيـــــاني
وهز حجر السعد وصار به فرحــان نزله علـــى الايزار بغــاية الصيــانـــــي
وقال كل اكبير في قومه يقرب الآن يهز قنة في الايزار يحقق الأمانــــــــي
وطاعة الناس ومد يديه كل دهقــان للايزار يشارك في الحمل ما موانـــــي
رافعينه حتى حادوا به المكــــــــان فين ينزل عاود هزه ضيا عيانـــــــــي
من اليزار المحله نزذله بيتقـــــــان حاد خصام قريب يصير حرب فاني ..
وهكذا كان للرسول صلى الله عليه وسلم شرف وضع الحجر الأسعد في مكانه . وبذلك أرضى جميع القبائل التي كانت تكبر فيه الأخلاق النبيلة ، نظرا لما اشتهر به بينهم من المروءة والوفاء بالعهد وحسن الجوار والحلم والعفة والتواضع والجود والشجاعة والصدق والأمانة حتى سموه الأمين عليه أفضل الصلاة والتسليم . لقد كان صلى الله عليه وسلم طرازا رفيعا من الفكر الصائب والنظر السديد ،فنال بذلك حظا وافرا من حسن الفطنة وأصالة الفكرة وسداد الوسيلة والهدف .