تجليات السيرة النبوية في الشعر الملحون – الحلقة السادسة عشر
د. منير البصكري الفيلالي / أسفي
في البداية، اعتنق هذا الدين الأفراد المتصلون بالرسول صلى الله عليه وسلم، كزوجه خديجة، وابن عمه علي بن أبي طالب، وكان في كفالة الرسول .. كما أسلم من الموالي زيد بن حارثة الكلبي. لم يقتصر الأمر على أقاربه ومواليه صلى الله عليه وسلم، بل تعداهم إلى بعض رجالات قريش، كأبي بكر الصديق الذي كان من أخلص أصدقاء النبي، واتصف بصفات قل أن تجتمع في شخص .. وكان لإسلامه أثر كبير، فقد أسلم على يديه عثمان بن عفان والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله .. وتلا هؤلاء رجال من أفذاذ قريش، كأبي عبيدة بن الجراح والأرقم بن أبي الأرقم. ولم تقتصر الدعوة على هؤلاء، بل تلاهم قوم آخرون من بينهم طائفة من الموالي والفقراء. وقد سميت هذه الدعوة دعوة الأفراد، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو كلا من هؤلاء على انفراد، وسموا السابقين الأولين. يقول الشيخ أحمد سهوم :
آمن علي وزيد من بعده بالدين
هاذوا باثنين بعد أم المومنين وأبو بكر الصديق ثالث من علنوا..
وبدا يدعي الدين ربي كل فطين صادق موثوق به ما يخشى منه
وبداوا يأمنوا اللي هم مهديين شرفا وعوام بعدها ليس تفتنوا
عاشوا طول الحياة ينشيوا ويبنوا
آمن بدين الله أمن صغاوا عثمان معاه عبد الرحمان وسعد بالاثناني
آمن الزبير وطلحة بخير الاديان كيف أمن عبيدة تارك الوثاني
رجال ونسا وكهول يأمنوا وشبان البعض براني والكثرة من العداني
وشاع خبر الأسلام وعم كل لمكان وليس حسوا به العتات حق داني ..
وهكذا استمر الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين يدعو سرا إلى الإسلام كل من يثق فيه ويطمئن إلى استعداده النفسي لقبول دعوته .. حتى إذا كثر المسلمون وخافت قريش كثرة عددهم، قعدت لهم بكل طريق، تصد الناس عن دعوتهم وتحقر من شأنهم وتستهزئ بهم. لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر على رأس ثلاث سنين بالجهر بالدعوة وعدم المبالاة بما نصب له المعارضون المستهزئون. يقول تعالى: “فاصدع بما تؤ مر وأعرض عن المشركين ، إنا كفيناك المستهزئين”.
وبعد ثلث اسنين في كتمان جا التأدان ينذر العشيرة بضعيفها وغاني ..
استهزؤا به الفساق القباح الهجان وقهقهوا عاد مشاوا ازنادق الادياني
ولما رأى الرسول ما أصاب أصحابه من البلاء ، طلب منهم أن يهاجروا إلى بلاد الحبشة
لما كان يعرف في ملكها من العدل والتسامح :
وحين شاع الأدى وضحى في كل لمكان قال محمد هجروا تربة الوطاني
وحيث سالوا لاين قال النبي المصـــــان اللحبشة طاعوا ما بقى موانـــي
وكل من لا طاق اصبر هاجر العشران وصار للحبشة يهنا من الأحاني ..
وما وافت السنة العاشرة من نزول الوحي حتى أصيب الرسول بوفاة عمه أبي طالب، ثم ماتت السيدة خديجة بعده، وكان موتهما قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين .. فأصبح بقاؤه صلى الله عليه وسلم في مكة محفوفا بالمخاطر. ولما اشتد أذى قريش لرسول الله بعد وفاة عمه، انطلق إلى مدينة الطائف، لكنه لم يلق من أهلها أذنا مصغية، بل قابلوا دعوته بالاستهزاء، فعاد إلى مكة لنشر الإسلام بين أهلها ..
وجات مصيبة جات اخرى في عام مدجان أح أنـا عـن عــام آلامتي ابكانـــــــي
عــام مــات أبـا طـالب الـزكي المحســان وتقلت قلب الماحي كم من الحزاني..
وداك العـام بنفسه كــان فيــه فقـــــــــدان لالة خديجة ينبـــوعــة الحسانــــــي
جــاه هذا الأمر وشغلــه على التحنــــــان للعزاز اللي عاد مضاوا في الاكفاني
خرج للطائف بوحـــده في يوم حـــــران ابـــدا بثقيــف أويــل اربايع الخشانــي
ما لقى فيهــم قلــب رحيـــم أو حنــــــان أح أنــا عنـــه ردوه بــالهــوانـــــــي..
