
صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 105
إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
الطيبي بلمعاشي
الحديث عن بعض رجالات أسفي ، يأخذ أحيانا طابع الصعوبات ، فيكون الحديث عنهم ليس بالأمر السهل ، ذلك لأن تاريخهم واحوالهم غير معروفة بصورة واضحة ، أو هناك غياب جزئيات مهمة في حياتهم ومسيرتهم ، مما لا يسعف في تكوين فكرة واضحة وشاملة عنهم .. فتصادفك الكثير من المشاق والمتاعب عند التعريف بهم والكتابة عنهم .
وهذا ما حصل مع شخصية هذه الحلقة السي الطيبي بلمعاشي . وما وصلني عنه من معلومات ، لا يخرج عن مجال تقديم صورة عامة عن الرجل .. إذ لا نعرف عنه تاريخ ولادته ولا مسار دراسته وحياته العائلية ومدى تأثير البيئة الأسفية في تكوينه . وحسبي أن أقتصر على ما استطعت الوصول إليه للتعريف به عن طريق ما كتبه واحد من أبنائه الذي يذكر بأن والده السي الطيبي بلمعاشي أب مخلص وباحث شغوف ، أمضى أياما وليال في الدراسة والتحليل في موضوع النباتات ، حيث كان شغوفا بالتنوع البيولوجي وحبه لهذا المجال لا مثيل له . ولهذا ، جاب الكوكب الأرضي من Longwood Garden في ولاية بنسلفانيا إلى الحدائق النباتية في بكين (Pekin) ومن ثمة ، عمل على توثيق جزء من البحوث التي أنجزها في عالم النباتات ، حيث ترك عملا بعنوان : Santé & Saveur,Senteurs وهو عبارة عن قاموس صغير للنباتات للحفاظ على التنوع البيولوجي والذي يدرج فيه أكثر من ألف نوع ضمن منظور تعليمي دون الخروج عن النهج الفكري والعلمي المعمول به .
إلى جانب هذا ، كان السي الطيبي بلمعاشي من أوائل المهندسين المغاربة في المكتب الشريف للفوسفاط ، حيث عمل بإخلاص كبير في مدرسة التدريب المهني التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط في خريبكة . فكان شغوفا بالموارد البشرية ومدركا لضرورة تحديث هذا المجال وتعزيزه داخل الشركات المغربية ، مما ساعده على تأسيس جمعية مديري الموارد البشرية والمدربين AGEFالتي كان رئيسا لها لعدة سنوات . ساعدته خبرته وتجربته وتفتحه ليشارك في غير قليل من الندوات الوطنية والدولية لنقل معرفته ، مما يكشف على أن الرجل كان اصيلا في عمله ، مخلصا لوطنه ، شغوفا بالبحث العلمي ، يعالج القضايا التي تطرح أمامه بموضوعية وتبصر ، يتفاعل معها بأصالته وبصدق حسه وقوة معلوماته الشاملة ، كل هذا يعود إلى بيئته التي عاشها ، وهي بيئة صافية مكنته من أن يتبوأ المكانة التي تبوأها في حياته . ولا غرو ، فأسفي أنجبت الكثير من رجالاتها الذين عرفوا بالعفة وكريم النفس وشموخ الكرامة .