
صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة العشرون
إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
ـ الفقيه محمد الفلكي.. الأديب السلفي الوطني.. ولد بمدينة أسفي عام 1907، عاش في كنف أخيه السيد أحمد بن الطالب، وتلقى تعليمه الأولي بالكتاب، كما حفظ المتون على يد نخبة من علماء المدينة كالأجرومية في النحو وغير ذلك.. كما تلقى دروس علم الفلك على يد الفقيه بلكاهية والذي كان يلقي دروسا في هذا المجال.. وقد تمكن الفقيه محمد الفلكي بفضل ذكائه الوقاد من أن يكون نابغة عصره في علم التوقيت والفلك، إلى جانب ذلك، أتقن الفقيه الحديث باللغة الفرنسية التي كان يتلقاها إلى جانب صديقه محمد الباعمراني على يد القبطان “لاراك“.. وكان لهذا البعد اللغوي إيجابيات كثيرة داخل صفوف الحركة الوطنية ، بحيث كانت تسهل عملية التواصل مع السلطات الاستعمارية، وكذا ترجمة ما كان يروجه الاستعمار في الصحف الفرنسية ضد المغرب.. فانبرى الفقيه يترجم تلك الافتراءات ويدحضها بمعية ثلة من الوطنيين في مختلف أرجاء البلاد.
نظرا لخلقه الفاضل، ونزاهته واستقامته وأمانته، عين أمينا للمال في الحركة الوطنية منذ إنشاء كثلة العمل الوطني، وهي مسؤولية لا ينهض بها إلا رجل يقدر الأمانة رغم صعوبتها وما يحفها من أخطار.
يقول تعالى:” إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض، فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، وحملها الإنسان إنه، كان ظلوما جهولا “.. لكن الفقيه محمد الفلكي أبى إلا أن يستجيب لطالبيه، لأنه أهل لذلك. فكان أمين المال بالحزب الوطني، وحزب الاستقلال من سنة 1944 إلى 1956، ثم أمين مالية التعليم، وأمين المال برابطة علماء أسفي، والجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني.
ولا ننسى أنه كان للرجل حضور قوي في المجال العلمي والوطني، فهو من أوائل المؤسسين للحركة السلفية وناشطيها. فكان ممن يحاربون الخضوع والذل والبدع والمنكرات، إلى جانب العمل الوطني الذي كان يحظى فيه بباع طويل ونتيجة لذلك اعتقل وسجن من طرف أعوان الحماية الذين لم تكن تأخذهم رحمة ولا رأفة، وهم يعذبون وينكلون بالوطنيين الأحرار من أمثال الفقيه محمد الفلكي… الذي لم يزده ذلك إلا إصرارا على مواصلة النضال حتى يتحرر المغرب، وينال استقلاله ويعود المغفور له محمد الخامس إلى عرشه..
وللفقيه محمد الفلكي كتابات عديدة، ومذكرات عالية القيمة، نأمل أن ترى في يوم من الأيام النور، لتفيد منها الأجيال الحاضرة، ولتكون لها عونا على تخطي كل العراقيل التي تحول دون القيام بنظرة فاحصة، تعود على المغرب بالخير العميم.. وحتى يتخلص شبابنا من اختلال الموازين والانفعال بألوان الفساد المختلفة ومعاناة المجتمع منها ومثل الأستاذ محمد الفلكي. وغيره من رجالات أسفي خاصة، والوطن عامة، امتازوا بسعة الأفق والإخلاص للعلم والوطنية الصادقة والشخصية القوية