
صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 114
إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
من مؤلفات الأستاذ محمد السعيدي ، مجموعة من التجارب الأدبية والشعرية والنقدية ، فاستطاع أن يبدع في الشعر والرواية والنقد .. كما استطاع أن يحقق عدة مؤلفات لأعلام ورواد كان لهم إشعاع في الأدب المغربي . وعلى سبيل المثال نذكر له :
ـ أولا في مجال الشعر : ديوان ” الحياة وأنا ” في جزأين أصدره عام 1960 ، و ” دمع العراق ودمعي ” و ” قلمي فديتك ” .
ـ ثانيا في مجال النقد : حيث ساهم في الدراسات النقدية بكتابيه : ” شاعر الحمراء بين الواقع والادعاء ” في جزأين ، أصدره عام 1998 وكان هدفه رد الاعتبار لهذا الشاعر وتسليط الضوء على الجوانب الإيجابية من حياته وشعره . ثم كتاب ” القصيدة العربية بين التأصيل والتجديد ” و ” ومضات من حياة الفقيه محمد بن أحمد الكانوني ، فكره ومؤلفاته ” ـ ثالثا في مجال الكتابة التاريخية ، فأرخ لرجراجة والرجراجيين في كتابه : ” رجراجة وتاريخ المغرب ” و ” رباط شاكر والتيار الصوفي حتى القرن السادس الهجري ” و “تواريخ مشرقة من حياة الملك والشعب” ثم ” جولات في حياة الفقيه الشيخ عبد الله المقدم السعيدي الرجراجي .
ـ رابعا في مجال السياسة والتحقيق : قام بعدة دراسات منها ، ” واقع الصراع في منطقة المغرب العربي ” و “علال الفاسي، صوت أمة وضمير شعب” ، وحقق كتاب ” السيف المسلول فيمن أنكر على رجراجة صحبة الرسول ” و” جواهر الكمال في تراجم الرجال ” الجزء الثاني ..
والرجل وهو يقدم مثل هذه الأعمال في تنوع وتميز مواضيعها ، إنما يسعى إلى إذكاء الهمم وشحذ العزائم وتقويم أخلاق أجيال الغد وتربيتهم على التسامي إلى معالي الأمور، إدراكا منه أن مثل هذه الكتابات في شموليتها ، رسالة هادفة تتطلب كل ما تتطلبه الرسالات السامية من صبر وبذل وتضحية ونكران ذات . لذلك ، فهو صاحب مبدأ ، ذو أخلاق إسلامية فاضلة عالية المستوى ، يكسوه التواضع الجم، متمكن من علمه وثقافته ، هادئ ومتزن ، صادق مع ذاته .. وكلها صفات جميلة يتقاسمها رجالات أسفي ، مما ترك وراءهم صدى مدويا في التاريخ .. عملوا في صمت ورحلوا عنا في صمت ، لكن ، كان لابد من وقفة تذكر الأجيال بقيمة هؤلاء الرجال وما كان لهم من خلق نبيل وعلم جليل وسمت ووقار وحياء قل لها نظير ..
يبدو إذن أن السي محمد السعيدي قد كرس حياته لخدمة الدين والوطن ، فعاش هذا الزهو الأدبي والعلمي المنبثق من التفاعل الكبير بينه وبين أبناء مجتمعه .. فهو من الرجالات الذين عملوا الكثير من أجل غيرهم ، وحققوا الكثير من أجل بلدهم ، وكرسوا جهودهم تحت شعار وطني كبير هو : ” المصلحة العامة ” .. وبالتالي كانت حياتهم صفحات مشرقة يمكن للأجيال تلو الأجيال التعرف إليها ومعرفة ما صنع الآباء والأجداد من أجلهم .
كل هذا ، أهله ليحصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة . وهو القائل :
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداء يرتديــــه جميـــل
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها فليس إلى حسن الثناء سبيل ..