
صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 119
إعداد : د. منير البصكري الفيلالي / أسفي
نافذة على الصيد البحري في أسفي من خلال رجالاته
السيد امحمد البركة :
من أقدم بحارة أسفي، اضطرته ظروف الأسرة للعمل في الميناء من خلال مساعدة بحارة القوارب في ربط وفك الحبال قبل الإبحار وبعده، والعناية بها وصيانتها وفي حالة رسوها. وكانت أولى ممارساته كبحار محترف على متن قارب “وردة ” رفقة الحاج محمد اعبيد منذ 1937، كما اشتغل على متن مراكب الصيد المتخصصة في صيد سمك الطون في أعالي البحار.
أسس السيد البركة أول نقابة وطنية للبحارة، مما عرضه للاعتقال من طرف المستعمر الفرنسي ليلة 17 غشت 1953، وتم نقله إلى سجن الشماعية، ثم فيما بعد إلى السجن الفلاحي بالجديدة.. وبعد الإفراج عنه، منعته مصالح الأمن العام من مزاولة عمله كبحار باعتباره عنصرا مشاغبا، كما منعته من ولوج الميناء بشكل نهائي ولأي سبب من الأسباب، تمهيدا لمحاكمته ووضعه تحت الإقامة الجبرية بمعتقل “أغبالو نكردوس” في مكناس، نتيجة مناهضته للاستعمار الفرنسي الغاشم.. فكان ـرحمه اللهـ مناضلا أصيلا، هدفه نشر الوعي الوطني وإذكاء حماس المواطنين بغية تحقيق الاستقلال والحفاظ على الهوية المغربية، وصون الكرامة الإنسانية لجميع أفراد الشعب المغربي الذي كان يعاني من بطش المستعمر الفرنسي. والسي امحمد البركة واحد من الوطنيين المقاومين للغطرسة الاستعمارية في أسفي.
السيد البشير النظيفي :
رجل استثنائي، قيدوم المسيرين لمجال كرة القدم بمدينة أسفي، حيث كان ـ رحمه الله ـ يضحي بكل ما كان يملك من أجل حبه لفريق اتحاد أسفي من خلال غيرته على هذا الفريق، فقدم ماله ووقته خدمة لكرة القدم بأسفي، وهو أمر لم يصرفه عن عمله بالميناء ومشاركته في العمل الوطني للدفاع عن البلاد وانتشالها من ربقة الاستعمار الفرنسي. ونظرا لحكمته وتبصره، اختاره البحارة إثر مجيء المقيم العام الفرنسي إلى أسفي، عقب أحداث دار الباشا المقري، لرفع ملتمس قدمه ـ رحمه الله ـ إلى المقيم العام بهدف تعيين أمين جديد للميناء.
لقد كان السي البشير أبرز رؤساء الفريق الأسفي في ستينيات القرن الماضي، حريصا على أن تكون لهذا الفريق مكانة مرموقة في مجال كرة القدم بالمغرب وأسفي على وجه الخصوص، فكان معروفا بين الناس جميعا بحكمته واتزانه وبوطنيته الصادقة، خاصة في الوسط البحري بأسفي على حد ما أشرنا سابق، فكان يعمل في مجال الصيد البحري.. كما عرف بمواقفه الشجاعة ومبادئه الرصينة، لأن الإنسان بلا مبادئ كالشجرة بلا جذور، وكالريشة في مهب الريح، لا تحوله لقمة ولا تغيره نعمة أو نقمة، تعرف في وجهه الأنفة والإباء، ولا تثنيه الإغراءات عن مبادئه التي كان يعتبرها البوصلة التي توجه عقله وتهذب مشاعره وتؤصل هويته. لم يحصل أن عرف منصات التتويج والتكريم، على الرغم مما بذله من جهود حثيثة سواء في مجال الدفاع عن القضية الوطنية إبان الاستعمار الفرنسير، أو في مجال الرياضة (خاصة مجال كرة القدم). فإنجازاته أكبر من أن تقدرها جهة مانحة، ومن أن تحويها حفلة تتصدرها جرزان كالحة.
هذه بعض الصفات الحميدة التي كان يتمتع بها السي البشير النظيفي، ولمسيري كرة القدم اليوم القدوة الحسنة التي كان يمثلها هذا الرجل بكل ما أوتي من عزم وإيمان قوي، غايته أن يرى وطنه عزيزا مهاب الجانب.