ثقافة

صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 120

إعداد : د. منير البصكري الفيلالي / أسفي

نافذة على الصيد البحري في أسفي من خلال رجالاته

الحاج محمد خربوش
لا يخفى على أحد الدور الكبير الذي نهض به ميناء أسفي عبر التاريخ، إذ كان دوما مرآة تعكس مكانة المدينة وتاريخها العريق. فهو أقدم ميناء على الساحل الأطلسي، لا يقل نشاطا عن باقي موانئ المملكة .. إذ نرصد حركة مراكب الصيد قائمة لا تهدأ، كما نرصد حركة بواخر كبيرة الحجم تقوم بشحن أو تفريغ حمولتها، إلى غير  ذلك من الأنشطة التجارية. وقد عمل في هذا المرفأ الحيوي غير قليل من رجالات أسفي الذين أفنوا زهرة عمرهم في بناء هذا الورش الكبير على مدى سنوات طويلة .. فقدموا الجهد وضحوا بالوقت في سبيل أن يرقى هذا الميناء إلى مستوى الموانئ العالمية، حيث أداروا باقتدار كبير مختلف الخدمات صنعوا من خلالها تاريخا مليئا بالعطاءات الإيجابية، نظرا لما يمثله الميناء من رمزية تاريخية. ومن ثمة، كان لهم دور مهم وحيوي في تنشيط حركة المبادلات التجارية بالميناء. ومن ضمن هؤلاء الرجال نذكر الحاج عبد الصمد الريكوش والحاج محمد البصكري الفيلالي ومولاي الطيب الوزاني والحاج علال الغماز ومولاي أحمد حبابا وغيرهم …
ونخصص هذه الحلقة لواحد من هؤلاء الذين أفنوا زهرة عمرهم في تقديم كل ما لديهم للنهوض بمختلف الخدمات التي يتطلبها الميناء .. يتعلق الأمر بالحاج محمد خربوش. فهو من مواليد مدينة أسفي عام 1929 بحي تراب الصيني لوالده السي احمد بناصر الذي كان يشتغل أمينا لأصحاب الدكاكين في شارع الرباط .. وهو المنحدر من الزاوية الناصرية المعروفة بتامكروت، مركز الصوفية المغربية، حيث كان لها دور مهم في نشر العلم والدين والوعي وتثقيف الناس.  أما اللقب “خربوش” ، فجاء من كونه ـ رحمه الله ـ كان قد أصيب بالجذري الذي ترك ندوبا في وجهه.
أما الحاج محمد خربوش، فكان معروفا بمجموعة من الخصال الحميدة والصفات الجليلة. من ذلك، التواضع والكرم، وخلق التواضع هو من أشرف الأخلاق، والحاج محمد خربوش كان من الذين أعطوا المثل في السلوك الحسن .. يترفع عن قول السوء، يتسم بروح التفاهم والإنصاف، غير عابس الشعور، صريحا في حديثه، ينحدر من عائلة كريمة وعريقة وذات حسب ونسب، ربى أبناءه على الفضيلة وحب الخير للناس.
اشتغل في ريعان شبابه بالتجارة ، غير أنه بعد فترة وجيزة، التحق كمحاسب في مصنع لتصبير السردين. ونظرا لما كان يتمتع به من نشاط وهمة، ارتأى نظر مشغليه أن يسندوا إليه مهمة تمثيل شركة العلامات الكبرى في ميناء أسفي، حيث أفنى فيها سنوات عمره، شهد له كل من كان يعمل إلى جانبه بالجدية والإخلاص والتفاني في العمل.
كان الحاج محمد خربوش ـ رحمة الله عليه ـ متفانيا في عمله، كما أشرنا إلى ذلك سابقا، وكان الميناء بيته الثاني الذي يمضي فيه ساعات طويلة من العمل المضني .. لكن روح الدعابة التي كان معروفا بها من طرف من عاشروه من الرياس والبحارة، تشفع له في  التخفيف من وطأة وضغط العمل.
للإشارة، فقد  اشتغل أيضا وبنفس الجدية والحماس في عدة موانئ أخرى، منها الصويرة وأكادير والجديدة وطانطان، يساعده في المهمات التي كان ينهض بها، ابنه الأكبر السي عبد الجليل خربوش الذي كان يدير عدة مصانع للتصبير منذ 1972 إلى حين تقاعده.
فمثل هؤلاء الرجال من أبناء مدينة أسفي، هم أغرودة الأمل الباسم، وسر النشاط المتدفق. لذلك، من الواجب أن يتمثل فيهم الطهر والخير والفضيلة. ويكفي أن يتذكر بعض مجايليه تلك السنوات واللحظات الجميلة التي قضوها رفقته في العمل، يرشدهم ويوجههم بنصائحه وإرشاداته، ويذكرون روحه المرحة ووفاءه لوطنه وصدقه في القيام بواجبه أثناء عمله بميناء أسفي أو غيره من الموانئ المغربية.
هذه إذن هي شخصية الحاج محمد خربوش، ذات النفس الراضية والطبع المرح والثغر الضحوك واللسان المداعب. وكلها صفات معروفة عند رجالات أسفي.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 − إحدى عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض