
صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 122
إعداد : د. منير البصكري الفيلالي / أسفي
السيد عبد العزيز المودن :
يندر أن تجد شخصية تحدوها الرغبة القوية والصادقة في الانخراط في غير قليل من الأعمال الإنسانية، ليتسنى لها أن تبدع وتنجز أعمالا ذات قيمة ووزن. شخصية مهووسة بتراث مدينتها ومأخوذة به، يبرز عناصره الإبداعية المتميزة، في شغف خاص وحب عميق وحماس متدفق. يتعلق الأمر بأحد رجالات أسفي السيد عبد العزيز المودن.
من مواليد مدينة آسفي سنة 1949 بحي أشبار، تابع دراسته الابتدائية بمدرسة بياضة، ثم التانوية بمدرسة ابن خلدون والإدريسي، وأقسام الباكالوريا بثانوية الحسن الثاني بمراكش .. وبعد الحصول على شهادة الباكالوريا التحق بفرنسا لاستكمال دراسته ليتوج هذا المسار بالحصول على شهادة عليا. اضطر للعودة إلى المغرب للبحث عن عمل، لأن تكاليف الاستمرار في الدراسة بفرنسا كانت باهظة. لكن انخراطه في العمل لم يشغله عن المطالعة وقراءة الكتب سواء باللغة العربية أو الفرنسية أو الإسبانية.
في وقت لاحق، استطاع السي المودن أن يؤسس شركة تابعة للميناء في إطار تصدير علب السردين إلى مجموعة من الدول.
ونظرا لسلوكه القويم وعلاقاته الإنسانية مع الناس، استطاع أن يحظى برضى وقبول كل الجهات التي كانت تخطب وده .. ذلك أنه راكم تجربة في مجالات متعددة بما توافر له من قدرات وإمكانات أهلته ليحظى بثقة الناس ومحبتهم، فاختاروه لتمثيلهم تارة ولتشريفه بعضويته تارة أحرى. وهكذا تمكن السي المودن لشغل غير قليل من المهمات الصعبة، فكان نشيطا في مشاركاته ومساهماته، مقتدرا في أدائه، حكيما في تدبيره. وهكذا وجدناه :
رئيسا لجمعية التنمية السياحية بأسفي وناحيتها
كاتبا عاما للمجلس الإقليمي للسياحة
نائب رئيس جمعية اسفيي العالم
عضو منظمة الدفاع عن الوحدة الترابية OMA
عضو منظمة مغرب إفريقيا
رئيسا لجمعية العناية بالمقابر والأضرحة المسلمة والغير المسلمة
مسؤولا و ممثلا قانونيا للطائفة اليهودية
عضوا بجمعية البحث في التراث الديني والثقافي والفني
صاحب متحف آسفي المصنف رقم 2 نجوم عالميا
كاتبا و شاعرا بالفرنسية و العربية
فنانا في نحث مجموعة من الحيوانات بالحجم الكبير
صاحب منتزه يحتوي على كل المعالم التاريخية المصغرة بأسفي
رئيس مشروع أكبر طاجين الذي حصل على شهادة GUINNESS DES Records شهادة الأرقام القياسية في العالم
صاحب مجسم مركب راع RA II (رمز الحرية و التسامح و دليل إكتشاف امريكى من المغرب وخاصة من مدينة اسفي)
صاحب مزهريات قرب دار السلطان
صاحب خرائط المدينة بالخزف
صاحب اللوحة الخزفية آسفي حاضرة المحيط التي توجد بحديقة القدس
صاحب الصيانة الدائمة للطاجين منذ 23 سنة مع السلاسل الحديدية التي تحيط به..
كل هذه الأنشطة تفيد بأن للرجل طاقة قوية تترجم ديناميته، كما تفيد حبه وعشقه لمدينته إضافة إلى عمق تجربته واتساع أفق إبداعيته. فلا عجب أن يتميز السي عبد العزيز في ساحة الإبداع بسمات ظاهرة حينا وخفية أحيانا كثيرة تجاوز بها ذاته ليعانق الإنسانية في أعمق عواطفها وأرق أحاسيسها.
هذه نظرة عجلى على حياة حافلة بالعطاء، تبلورت من خلالها شخصية السي عبد العزيز المودن، وهذا الحديث الموجز عنه وعن أعماله، يتجلى ما كان يخترمه من هم نحو مدينته ومدى حبه لها ومبلغ تفانيه فيها .. وما كان يألوا جهدا في كل ما يراه يعلي من شأنها ويرفع من قيمتها، ويحفظ مكانتها بين سائر المدن المغربية. يغارعليها إلى حد يمكن معه القول بأنه مهووس بها، معتز بالانتماء إليها .. فما بال شبابنا اليوم ـ وهم منار هذا الوطن ـ لا يقتدون بأمثال هؤلاء الرجال، ولا يكونون لهم القدوة الحسنة حتى يحرزوا التمام والكمال وينالوا سامي الرضى ويتبوأوا أعلى مقام.