ثقافة

صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 126

إعداد : د. منير البصكري الفيلالي / أسفي

المعلم محمد كويتة
من من أبناء أسفي لا يعرف المعلم كويتة صاحب الشربة اللذيذة وصانع نجوم كرة القدم بأسفي ومربي الأجيال. رجل أفنى زهرة عمره في إبراز غير قليل من المواهب الكروية، من براعم، صغار وفتيان وشبان، فكان وراء تألق العديد منهم. فقد كان المعلم كويتة رحمه الله أول من أسندت إليه مهمة تسيير أول مدرسة في كرة القدم بمدينة أسفي.
هو من مواليد سنة 1920 بأسفي ، فاته قطار في التعليم ولم يدرك مبتغاه، لكن لم تثنه الإحباطات ليعيش الكفاف والعفاف، وفعلا، عاش الرجل عفيفا ومات فقيرا على الرغم من عطاءاته الكثيرة في مجال كرة القدم بأسفي، والخدمات الجليلة التي قدمها لفائدة أبناء مدينته، ذلك أنه هيأ جيلا تدرج في ممارسة كرة القدم منذ الطفولة إلى مرحلة النضج والوعي بالذات .. وكان هذا مشروعه في الحياة، علم وربى وكون ومضى بخطوات ثابتة في مشروعه الرياضي لا يلوي على شيء سوى أن تحظى مدينته بالأولوية والتميز في رياضة كرة القدم .. فكان ذلك عنوان على وعيه المتفتح المبكر لأبناء مدينته.
إننا ونحن نكتب عن هذا الرجل، نكتب عبر سلوكنا الوجداني العاطفي، حيث تربطنا به علاقة قوية ووطيدة منذ أن عرفناه ونحن صغارا، يغدق علينا من توجيهاته ونصائحه التي كنا نشعر أنها صادقة ومخلصة، لأن سلوك صاحبها كذلك، فكنا نشعر نحوه بالاحترام والتقدير، لأنه رجل وقور محترم .. يضاف إلى ذلك، صداقته الحميمة مع سيدي الوالد الحاج محمد البصكري الفيلالي رحمه الله، وحنوه وعطفه وأبوته لخالي الحاج عبد السلام بن حنة (بيي) شفاه الله، إذ على يد المعلم كويتة تعلم أصول كرة القدم، حتى أصبح لاعبا متميزا لعب للمنتخب الوطني لمدة سنوات طويلة.
لقد كان المعلم كويتة رحمه الله مثالا للمدرب الكفء، الناجح الحازم الحكيم، صبورا جلودا، حريصا على إنجاز عمله، متجاوبا مع لاعبيه الذين أحبوه وتفانوا في العمل معه بنفس الروح. وحين رحل عن هذه الدنيا سنة 1986، ترك خلفه رصيدا كبيرا من الدعوات الصالحة الصادقة، ورصيدا من الحب والاحترام والتقدير .. فهو رجل مخلص غيور على مصلحة مدينته ووطنه، وفي أمين في عمله وأخلاقه، قلما نجد مثله أمانة وسلوكا وأخلاقا وعملا. وما يحز في النفس، أنه فارق هذه الحياة دون أن يظفر منها بشيء من طرف من كانوا مسؤولين في عهده على الشأن المحلي. فقد لاقت أسرته بعد وفاته الطرد من البيت الذي كان يأويها، ذلك أنها لم تجد ما تسدد به ثمن الكراء، فتم تشريدها، بعد أن تبخرت آمالها في الحصول على إكرامية (رخصة سياقة طاكسي، اكريما)  بعد وعود مجانية .. وعلى إثر هذه المعاناة، ماتت زوجته وفي نفسها غصة وحسرة لدرجة أن أبناءه لم يجدوا حتى من يتكفل بدفنها. أهكذا يكون رد الاعتبار لرجل أفنى زهرة عمره في خدمة رياضة كرة القدم بأسفي، ولأسرة عانت وصبرت وصابرت أثناء عمل هذا الرجل في الملعب الذي لم يكن يغيب عنه طوال النهار، إخلاصا وتفانيا في تقديم كل ما لديه لفائدة الرياضة بالمدينة. الرجل الذي كان يخدم اللاعبين ويتدخل لحل مشاكلهم وقضاياهم الاجتماعية ويساهم أحيانا بماله القليل في إيجاد الحلول المناسبة .. أفلا يتدبر أهل أسفي هذا الأمر، أم على قلوب أقفالها. رحم الله المعلم محمد كويتة وجزاه عن بلده خير الجزاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض