الدكتور عباس الجراري ، شخصية موسوعية متعددة العطاءات -الحلقة 19

إعداد : د. منير البصكري الفيلالي

   إن ما كان يهم أستاذنا رحمه الله  من خلال الاطلاع على الأدب الشعبي ، هو الجانب الإبداعي الذي يتمثل في النصوص كانت نصوصا تهم الحكاية الشعبية أو الأغاني والموسيقى والأمثال وغير ذلك من الأشكال أو الأنماط الشعبية . فكما أن الأدب الرسمي تواصل إنساني ، كذلك الشأن بالنسبة للأدب الشعبي ، فهو أيضا تواصل بين الإنسان والإنسان ، وبين الجماعة والجماعة التي ينتمي إليها .. وبين الجماعة والجماعات الأخرى التي تشترك معها في كثير من السمات والخصائص . وهذا التواصل أيضا ، يتم عن طريق المشاركة والمشابهة في مجموعة من أنماط السلوك الجمعية التي يحقق من خلالها الإنسان انتماءه إلى الجماعة ، وارتباطه بها . وعلى ذلك ، يمكننا القول ، إن الأدب الشعبي في جوهره ، ظاهرة طبيعية ، مادية ومعنوية ، تنشأ من داخل الجماعة ، وتعيش عليها الجماعة أيضا ، في جانب مهم من جوانب ممارستها الحياتية .
  ولقد سعى أستاذنا رحمه الله إلى توضيح هذا الأمر من خلال كتابه ” في الإبداع الشعبي ”
حيث تناول مجموعة من الموضوعات صنفها حسب ما يلي :
أولا : ما يتعلق بالفنون الشعبية :
1 ـ رأي في المفهوم الشعبي ، حيث عمد إلى تحديد ماهية الأدب الشعبي انطلاقا من مجموعة من المفاهيم المتداولة لتحديد مفهوم دقيق لهذا النمط من التعبير الشعبي . فالأدب الشعبي ” ليس هو الأدب الرخيص أو الوضيع المبتذل كما قد يظن ، ولكنه الأدب الذي يستوحى من الشعب في مختلف طبقاته ، ويفيض بروحه ، ويعبر عن ذوقه ومشاعره ، ويصور عقليته ومستوى حياته ” .
2 ـ الفنون الشعبية : أصالة وإبداع ، فقد رصد الأستاذ تطور بعض أنماط الفنون الشعبية في المغرب على حد ما نجد في الموسيقى والغناء والرقص والتمثيل والرسم والنحت عبر العصور والأزمان ، ممثلا لكل عصر بنوع من الفنون الشعبية التي عرف بها كالأحجار والتماثيل والمصاقرة وصناعة البسط والزرابي والرسم والوشم …
3 ـ فعالية التراث الشعبي في العلاقة بين التنمية والثقافة انطلاقا من واقع التطور التقني الذي أصبح يعرفه العالم اليوم ، مع وجوب احترام الشروط التي تجعل الثقافة قادرة على أن تسهم في كل الأنشطة الإنسانية بغية الرفع من مستوى الشعب حيث ” تتحرك الثقافة من واقع المجتمع وتطلعاته .. باعتبار التنمية معركة وطنية وقومية وإسلامية تقوم على ثقافة تستوعب كل هذه الآفاق . ” وبالتالي ، ” لن يتأتى للتنمية النجاح في مخططاتها إذا لم تستمد عناصر وجودها من فلسفة شعبية تراعي الرأي الوطني والشعور العام ، وتفكير الجماهير وذوق الشعب . ”

يتبع …