ثقافة

الإشراق الصوفي في الشعر الملحون – الحلقة الثانية

إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
بمناسبة الطلعة البهية لشهر رمضان المبارك، يسعدني أن أتقاسم مع قراء MCG 24 موضوعا في غاية الأهمية، يتعلق بالإشراقات الصوفية في الشعر الملحون، متمنيا لهم جميعا قراءة ماتعة ورمضانا مباركا، أدخله الله علينا باليمن والبركة والتيسير، وتقبل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال، وبلغنا جمال لحظاته ونحن في أحسن حال.


الحلقة الثانية : 

 تكمن قيمة شعر التصوف في قدرته على الإبلاغ والتأثير في المتلقي كوظيفة مقصودة، وإفراغ حمولة العواطف والانفعالات الذاتية، لشدة الوجد وضغط قوى التجربة على الذات المبدعة، ذلك أن الشعر قوة نفسانية تحرك النفوس وتهيئها لاستقبال المعاني الصوفية. فلا مناص لإذن من أن تنشأ الصلة بين التصوف والشعر، وتزداد قوة مع توالي الأيام. فالتصوف تجربة وجدانية ووجودية، والشعر جنس من أجناس التعبير الفني الراقي، يفي بما يطلبه نقل تلك التجربة من مستوى الإحساس الوجداني إلى مستوى البوح عن تلك الأحاسيس والمشاعر بلغة توافق رقة الوجدان الإنساني. لذلك، فإن الشاعر الصوفي هو مرآة المتصوفة ، يدركون في شعره ما يختمر في مشاعرهم، فيتخذون من قصائده محركا لما ظل حبيسا في أعماقهم. وبناء على ذلك، يكون التصوف هو القادر على إيجاد الإنسان في كمالاته كلها، أي الإنسان الذي يقوم بفرائض العبودية لله، والإنسان الذي يقدم أعظم العطاء في باب التعامل مع الآخرين، فيقوم بذلك مجتمع كله أدب وتراحم، وكله عطف ومودة وإيثار ولطف.
وهذا ما كان يعتقده شاعر الملحون .. فانبرى إلى الدعوة إلى التصوف من خلال قصائده  وإلى السير إلى الله كضرورة تقتضيها ضرورات أخرى متعددة .. لأن السير إلى الله عز وجل ضروري للإنسان ليعرف ذاته وما انطوت عليه. ومن ثمة، كان الإنسان الذي لا يسير إلى الله، لا يعلم شيئا كثيرا عن آفاق النفس وآفاق الذات. وقد استمد شاعر الملحون هذه الدعوة إلى التصوف من القرآن الكريم الذي يحذر المسلمين من الاغترار بنعيم الدنيا، ويعدهم بحياة أسعد في الآخرة، إذا استعدوا لها بالعبادة والعمل الصالح.  ثم ثانيا من سنة الاعتكاف الذي هو ملازمة المسجد أو غيره من الأماكن للعبادة والانقطاع للتأمل والذكر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

18 − أربعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض