ثقافة

الإشراق الصوفي في الشعر الملحون – الحلقة الخامسة

إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
بمناسبة الطلعة البهية لشهر رمضان المبارك، يسعدني أن أتقاسم مع قراء MCG 24 موضوعا في غاية الأهمية، يتعلق بالإشراقات الصوفية في الشعر الملحون، متمنيا لهم جميعا قراءة ماتعة ورمضانا مباركا، أدخله الله علينا باليمن والبركة والتيسير، وتقبل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال، وبلغنا جمال لحظاته ونحن في أحسن حال.

الحلقة الخامسة :
وكما دعا شعراء الملحون إلى ذم الدنيا، دعوا أيضا إلى عدم مطاوعة النفس والهوى والشيطان، فهم أعداء. يقول ابن علي:
والنفس ولهوا والشيطان                   أعدا لا تطاوعهم قطعيــــــــا
ثم إنه لا ينبغي أن ننسى أن مجال تزكية النفس، قد حظي كثيرا باهتمام شعراء الملحون، خاصة إذا علمنا أن تزكية النفس هي إحدى أمهات أمور التصوف. يقول تعالى: “وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، فإن الجنة هي المأوى.” من هذه الآية، ندرك إذن أن الهداية إلى الطرق الموصلة إلى الله، هي مجاهدة النفس. والمجاهدة وسيلة الهداية القلبية إلى الله. وهكذا يبدو أن نقطة البداية الصحيحة في السير إلى الله، هي المجاهدة. وهي على حد تعبير الصوفية، هي رفع الحجب التي تقوم بين العبد وربه، إذ كل عمل للنفس، وكل خاطر، لها حجاب يستر الحق عن عين العبد. ومعرفة النفس تؤدي إلى معرفة الله كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من عرف نفسه، فقد عرف ربه”. لذلك، كان من أوائل ما انتدب الصوفية أنفسهم له، التأمل والنظر في النفس ومحاسبتها ومراقبتها، وغير ذلك من الأساليب التي تكشف عن مكنوناتها ودوافعها وعيوبها . وهذه هي المجاهدة الحقة .
انطلاقا من كل ما سبق، نجد أن موضوع تزكية النفس ومجاهدتها وتربيتها، قد شكل نقطة أساسية جدا في شعر التصوف في الملحون، وبابا من أبواب الدعوة إليه، بل يمكن اعتبار ذلك قطب الدائرة في شعر النصح والتوجيه قصد تربية النفس ومعالجتها ، والانتقال بها من حالة دنيا إلى حالة أرقى.
يقول بنعيسى السفياني:
هــاذ الـروح اشقـاها إبليس اللي هو أنا لا سـواه
مسكينا من اكواها كحلا بلون معصيتي لها اللـه               اشتاقت لعلاها وابغات باش تصعد للعلو وما علاه
ثقلها مولاها بجبال لمعاصي ولصقها في اوطاه ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض