
الإشراق الصوفي في الشعر الملحون – الحلقة السابعة
إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
بمناسبة الطلعة البهية لشهر رمضان المبارك، يسعدني أن أتقاسم مع قراء MCG 24 موضوعا في غاية الأهمية، يتعلق بالإشراقات الصوفية في الشعر الملحون، متمنيا لهم جميعا قراءة ماتعة ورمضانا مباركا، أدخله الله علينا باليمن والبركة والتيسير، وتقبل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال، وبلغنا جمال لحظاته ونحن في أحسن حال.
الحلقة السابعة :
إن شاعر الملحون وهو في ظل الطريقة الصوفية التي ينتمي إليها، والطاعة التي يكنها لشيخها، والالتزام بأورادها وأذكارها، ودعوته إلى تزكية النفس ومجاهدتها ، يسعى إلى تطهير ذاته وتبديل صفاتها، إلى جانب محاولة تحقيق الإدراك الذوقي في التجربة الصوفية، ولم إلى الوصال والحصول على عين القرب .. وكأن شاعر الملحون المتصوف، يرى نفسه مطالبا بالتحقق بهذه الخصال، ومن ثمة اكتسبت دعوته إلى التصوف في الشعر الملحون مشروعيتها.
وهكذا يظهر أنه كان للتصوف بوجه عام، تأثير كبير على شعراء الملحون، هؤلاء الذين كان أغلبهم من الحرفيين، بل لا نجانب الصواب إذا علمنا أن غير قليل منهم كانوا أميين، لم يعرفوا في حياتهم مدرسة ولا دراسة منظمة، لكنهم أصبحوا بفضل عباداتهم ومجاهداتهم (أي جهادهم النفسي) وتأملاتهم الباطنية العميقة في الوجود والكون والحياة أعلاما في مجال التصوف .. إلى جانب ذلك فقد كانوا على جانب مهم من الثقافة والتحصيل المعرفي الذي وفرته لهم الزوايا التي كانت تمثل مؤسسات تعليمية وتثقيفية حافظت على التواصل العلمي والثقافي في مختلف الحواضر المغربية. لذلك، فإن موضوع الإشراق الصوفي في شعرهم، جدير بالدراسة لأهميته الموضوعية بالنسبة لبحث موضوع أثر الإشراق الصوفي.
ومعلوم أن شعراء الملحون قد طوعوا للغة العامية ، وجعلوا منها لغة شعرية بل وصوفية روحانية، الشيء الذي منح الشعر الملحون مكانة متميزة في النفوس. فقد استطاع هؤلاء الشعراء أن يمتصوا جانبا من التصوف، فأعادوا نسجه وتنظيمه وفق ما تزودوا به من علوم ومعارف دينية.