ثقافة

الإشراق الصوفي في الشعر الملحون – الحلقة الثامنة

إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
بمناسبة الطلعة البهية لشهر رمضان المبارك، يسعدني أن أتقاسم مع قراء MCG 24 موضوعا في غاية الأهمية، يتعلق بالإشراقات الصوفية في الشعر الملحون، متمنيا لهم جميعا قراءة ماتعة ورمضانا مباركا، أدخله الله علينا باليمن والبركة والتيسير، وتقبل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال، وبلغنا جمال لحظاته ونحن في أحسن حال.

الحلقة الثامنة :

 غني عن القول أن شاعر الملحون الصوفي متأثر بالثقافة الدينية والشعبية التي أخذها من محيطه والوسط الذي عاش فيه، هذه الثقافة التي تعتبر زادا معرفيا متنوعا تقدمه الجامعة الشعبية المتمثلة في المساجد والزوايا. وفي هذا السياق، ينبغي التأكيد على أن معظم شعراء الملحون هم من الصوفية، نذكر على سبيل المثال: عبد القادر العلمي ومحمد الحراق والتهامي المدغري والحاج أحمد الغرابلي ومحمد بن علي الدمناتي وغيرهم من شعراء الملحون الذين كان لهم غير قليل من الأثر الإشراقي في قصائدهم، وذلك لشدة غوصهم في الأحوال والتعابير الصوفية. فمما لا شك فيه، أن شعراء الملحون قد اكتسبوا ثقافة صوفية من جلة علماء وقتهم. وهذه الثقافة تظهر للباحث والدارس في عدد لا يستهان به من قصائد الملحون، كما تظهر في كل حديث أيضا عن كل مقام من مقامات الصوفية التي استدرجوها في قصائدهم مقاما مقاما.
لقد قدموا على التصوف وقلوبهم مفعمة بالعواطف الجياشة، والإشراقات الربانية .. ومع ذلك، انخرطوا في الحياة، على الرغم من استشعارهم تفاهتها، فلم تشغلهم زخارفها وزينتها، وعكفوا على أنفسهم يطهرونها من أدران الحياة المادية، ويصفونها من شوائبها متطلعين إلى ري ظمئهم عن طريق التجربة الصوفية.
وتأسيسا على ذلك، حظيت تلك الإشراقات الصوفية بحضور لافت ومتميز. فالبيئة الصوفية هي القادرة على إيجاد الإنسان في كمالاته كلها، الإنسان الذي يقوم بفرائض العبودية لله، والإنسان الذي يقدم أعظم العطاء في باب التعامل مع الآخرين. فيقوم بذلك في مجتمع كله أدب وتراحم، وكله عطف ومودة وإيثار ولطف .. فلم لا يكون من ضمن شعراء الملحون من كانت له هذه الصلة؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة عشر + 9 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض