الإشراق الصوفي في الشعر الملحون – الحلقة الثالثة عشرة
إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
بمناسبة الطلعة البهية لشهر رمضان المبارك، يسعدني أن أتقاسم مع قراء MCG24 موضوعا في غاية الأهمية، يتعلق بالإشراقات الصوفية في الشعر الملحون، متمنيا لهم جميعا قراءة ماتعة ورمضانا مباركا، أدخله الله علينا باليمن والبركة والتيسير، وتقبل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال، وبلغنا جمال لحظاته ونحن في أحسن حال.
الحلقة الثالثة عشرة :
يبدو أن غاية شاعر الملحون، هي البساطة والتقشف والزهد والحرص على فضائل الأخلاق وغيرها من مظاهر الحياة الصوفية.
ومن خلال قصيدة “التوب ” للشاعر العلوي سلسولي، نستشف دعوته إلى التخلي عن الدنيا والابتعاد عن شهواتها وملذاتها، إذ لا ينبغي الاشتغال بها ما دام العمر سينقضي يوما ما، وسيجد الإنسان عمله منشورا أمامه .. يقول:
يا منه مشغول بالدنيا لا يغويك زينها عند الله مسافر
يفنى عمرك ما عملت تلقاه منشـــــور
الدنيا ما دايمة لحد وخلي لامت الـــحـــبـــــــــاب
إذكروا اسمك غير عبد مسكين وصار للتراب
أراســي اضعيف لا تعد نفعك لبهــوت فالجـــــواب
إن السلوك الصوفي ليس مجرد ممارسات وأفعالا يقوم بها المتصوف لأغراض أخلاقية معينة، ولكنه سفر وطريقة في الحياة .. يرقى بالمتصوف عبر كل المقامات والأحوال الصوفية، أي أنه يرقى به من مستوى اليومي المعتاد، إلى مستوى التنظيم البيداغوجي والجسدي والنفسي، بشكل يوزع حياة المتصوف إلى عتبات، وكل عتبة لها شروطها وطرقها الخاصة التي يجب على المتصوف المرور بها ومعايشتها بكل جزئياتها وتفاصيلها.
وهكذا، يبدو كيف أن شاعر الملحون وهو يبحث عن الطريق الموصل إلى الله، يذم في بداية سفره الصوفي الدنيا وشهواتها، ساعيا إلى الزهد فيها. فهي كالسراب يحسبه الظمآن ماء ، حتى إذا وصله لم يجده شيئا.
يقول الشاعر محمد الرباطي:
أرعى للوقت واحرص فالدين وحابك حان الوقت اعزم على السفر محبوبك
الندير جا وانبـا واظهـر في اخيـالك بان الشيب كســاك ولعضـا علمــــوك
حـان الرحيل ما ناولت فـي زادك نتراخى وهــوادج لكفن لحقـــــــــوك
اعمل الزاد ألتقوى وانظــر أمامــك واتـفكـر وايـن لـحبـاب وايـن دوك
وايـن لـسلاف وايـن همـا جيرانـك واين نزال العــزا مع الركب فــاتوك
تـحـت اللحـود سـكـن ونتيا مـا لـك تايــه بين أتلول في اوتــار الــشــوك
خذ الصحــيــح حاد للنهج السالـــك أقلبــــــي نـوصيــك مـا هــنــا لبروك..
