
الإشراق الصوفي في الشعر الملحون – الحلقة الرابعة عشرة
إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
بمناسبة الطلعة البهية لشهر رمضان المبارك، يسعدني أن أتقاسم مع قراء MCG24 موضوعا في غاية الأهمية، يتعلق بالإشراقات الصوفية في الشعر الملحون، متمنيا لهم جميعا قراءة ماتعة ورمضانا مباركا، أدخله الله علينا باليمن والبركة والتيسير، وتقبل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال، وبلغنا جمال لحظاته ونحن في أحسن حال.
الحلقة الرابعة عشرة:
لا شك أن التأمل بالوجدان، قد هيأ لشاعر الملحون، الطريق لكي يعمق مشاعره الباطنة، ويعبر عنها تعبيرا تحليليا فيه الكثير من الكشف عن خلجات النفس والربط بين نوازعها الباطنة وعوالمها الخارجية.
ومن هذا المنطلق، قصر شعره على التعبير عن تجربته وتأملاته في نفسه وفيما حوله. وعلى الرغم مما يبدو في بعض قصائد الملحون من أنها مجرد تقليد، فهو مع ذلك يخفي لمحات تنبئ بنزعة صاحبه إلى شعر التصوف واستبطان الذات في أسلوب لا يخلو من إشراقات صوفية. لذلك، انطوى التصوف عندهم على ناحية عملية تدفع إلى نوع معين من السلوك، هو السبيل إلى الله. وهذه الناحية العملية تبدو فيما يأخذ به الصوفيون أنفسهم من زهد وتقشف وترفع عن كل الدنايا. إنه تصوف أكثر ارتباطا بالحياة، وأشد التصاقا بالواقع، فهو يركز على الجانب الخلقي في الإنسان، ويهتم بتصفية سلوكه، لا يهدف إلى عزله أو فصله عن عالمه المادي الذي يعيش فيه، لكنه يسعى إلى السمو به ورفعه إلى مستوى أليق به.
وفي الشعر الملحون، قصائد تحمل الكثير من التأمل بالوجدان والقلب، تفيض بالدعوة إلى تطهير النفس ومراقبتها حتى تتكشف عيوبها . يقول الشاعر محمد الرباطي:
يا قلبي لا تشكي وانت منهامــــك تابع غرض النفس ألهوى مملــــوك
اتخوض فالجرايم واعدوك لسانك أجلب ليك اضرار يا القلب اعــدوك
إيروع لحشا ويكدر في ادخالــــك ويقيسك بسرعت في كل اشبـــــــوك
شد الصروع لا يدرع بك احصانك ويخليك في شنادك لوعر متــــــروك
يا قلبي اترك من لا يكتم اسرارك من بــالـك ترك لا تديـر خــــــــــوك
قصد ايريد يفهم ويجوس افكارك بالنصب يغويك في حاجته محبـــوك
خوفي اعليك منه تصدف بمهالك ويبوح بسرك لمن دراه اعــــــــدوك
يا قلب تب وارجع من قبح افعالك قبل ايعود اعضــاك فالتراب مدعوك .