وجه النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، عبد الرحيم وافا، سؤالاً كتابياً إلى وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، بشأن الآثار المترتبة على انتشار المتاجر الكبرى داخل الأحياء السكنية، وما يشكله ذلك من تهديد لمستقبل التجارة التقليدية، وخاصة أصحاب المحلات الصغيرة المعروفين بـ”مول الحانوت”.
وأشار البرلماني في سؤاله إلى التحول العميق الذي يشهده النسيج التجاري الوطني خلال السنوات الأخيرة، بفعل التوسع المتزايد للمتاجر الكبرى داخل النسيج العمراني للأحياء الشعبية. ولفت إلى أن هذه المتاجر تعتمد على عروض تجارية منظمة، وأسعار ترويجية، وشبكات توزيع فعالة، ما جعلها تحظى بجاذبية متزايدة لدى المستهلكين المغاربة، وبالتالي تطرح تحدياً مباشراً أمام المحلات التقليدية التي كانت لعقود تشكل دعامة أساسية للاقتصاد المحلي.
وأكد وافا أن هذه الدينامية الجديدة أدت إلى بروز منافسة غير متكافئة، أثرت سلباً على البقالة التقليدية التي تسهم بما يفوق 58 في المائة من حجم المعاملات التجارية الداخلية، وتوفر مورد رزق لأكثر من مليون ونصف مواطن، حسب الأرقام الرسمية.
ونبّه النائب إلى أن توسع هذه المتاجر، الذي كان مقتصراً في البداية على علامات محدودة، بات يستقطب شركات أخرى تسعى بدورها إلى التمركز داخل الأحياء الشعبية، مما يعمق من حدة التحديات التي تواجهها التجارة المحلية، خصوصاً في ظل ضعف القدرات الترويجية واللوجستيكية للبقالة التقليدية، وغياب حماية قانونية وتنظيمية فعالة.
كما نقل وافا شهادات عدد من المهنيين الذين أكدوا أن افتتاح متجر كبير واحد غالباً ما يؤدي إلى إغلاق عدة محلات صغيرة مجاورة، خاصة في الأحياء ذات الكثافة السكانية المرتفعة، حيث يجد التجار الصغار أنفسهم عاجزين عن الصمود أمام هذا التحول المفاجئ في بنية العرض التجاري.
ورغم إعلان الوزارة عن برامج لدعم التجار الصغار، وتمكينهم من مواكبة العصر عبر التكوين والرقمنة، إلا أن النائب اعتبر أن هذه المبادرات لا تزال محدودة التأثير، وغير قادرة على مواجهة التوسع السريع للمتاجر الكبرى، مما قد يخلّ بالتوازنات الاقتصادية والاجتماعية داخل النسيج المجتمعي للأحياء الشعبية.
وفي هذا الإطار، وجّه البرلماني سؤاله للوزير حول مسؤولية الحكومة في مواكبة هذا التحول، وضمان عدالة تجارية تحافظ على توازن تموقع الفاعلين داخل المجال الحضري، كما استفسر عن التدابير المزمع اتخاذها من أجل تأطير توسع المتاجر الكبرى بما يراعي مصالح التجارة التقليدية، وكذا عن الخطوات المنتظرة من الوزارة لدعم “مول الحانوت” وتمكينه من تعزيز قدراته التنافسية.
