
مكانة القدس الشريف في الشعر الملحون المغربي – الحلقة الأولى
إعداد : د. منير البصكري الفيلالي*
تعرف القدس هذه الأيام حملة شرسة ساخنة وملتهبة ، يواجه فيها الفلسطينيون رعبا حقيقيا بعد أن اقتحم الجنود الإسرائيليون باحة المسجد الأقصى ، واعتدوا على المصلين في انتهاك وخرق سافر لحرمة هذا المسجد .. وهي تداعيات خطيرة جدا تعمل على انتهاك الشرائع السماوية والأعراف والمواثيق الدولية . وهذه الهجمة المقيتة تؤكد استمرار عمليات التهويد والتدنيس الإسرائيلية للمسجد الأقصى تستهدف وجوده وقدسيته ووحدته .
لذلك ، تهدف هذه الحلقات إلى إلقاء الضوء على قضية ومكانة القدس الشريف في سياق عناية شعراء الملحون المغاربة ومساهمتهم القيمة بهدف إبراز مكانة وقيمة القدس الحضارية وهويتها العربية ، وحضورها المتميز في الذاكرة المغربية وفي العالم الإسلامي بصفة عامة . فعروبة القدس مسألة جوهرية في وعينا الجمعي ، تسندها حقائق التاريخ وشهادة الأرض والعمران . لذلك فالقدس هي العاصمة الأبدية لثقافتنا العربية والإسلامية ، وكذا لهويتنا العربية . وكل اعتداء على القدس ، إنما هو اعتداء على هذه الهوية وعلى الوجود العربي . فلا عروبة بدون القدس ، ولا كرامة مقواة ومدعمة بالتأييد العربي الإسلامي الذي تجلى طوال العقدين الأخيرين في لجنة القدس التي يتولى رئاستها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
قبل الحديث عن مكانة القدس الشريف في الشعر الملحون ، نرى أن نقدم لهذه السلسلة بحديث عن المسجد الأقصى المبارك ، حيث يقع مبنى هذا المسجد في الجهة الجنوبية الشرقية لمنطقة الحرم القدسي الشريف في القدس .. وهو القبلة الأولى للمسلمين ، وثاني مسجد بني لعبادة الله وحده ، وثالث الحرمين الشريفين . أما أول من أمر بإعادة بنائه ، فهو الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب بعد أن فتح بيت المقدس في 16 ه الموافق ل 636 م ، ثم أعاد بناءه الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك في 86 ـ 96 ه / 705 ـ 714 م في الفترة الواقعة ما بين 90ـ 96 ه / 708 ـ 714 م كما أكدت ذلك أوراق البردي التي أخذت عن مراسلات بين قرة بن شريك حاكم مصر الأموي وأحد حكام الصعيد . وكانت مساحة المسجد أكثر بكثير مما هو عليه اليوم . فقد ذكر المقدسي ( 375 ه / 985 م ) وهو أول من أورد وصفا للمسجد الأقصى أنه كان يتكون من خمسة عشر رواقا ، أكبرها الرواق الأوسط ، وسبعة أروقة في كل من الجهة الغربية والجهة الشرقية . ويفتح في كل رواق باب باتجاه الشمال ، أكبرها الرواق الأوسط ، وجميعها مغطاة بسقف على شكل جملون أعلاه سقف الرواق الأوسط الذي ينتهي في الجهة الجنوبية بقبة خشبية مغطاة بالرصاص . وقد ظل المسجد قائما بتخطيطه الأصلي حتى سنة 132 ه / 749 م حيث تهدم جانباه الشرقي والغربي جراء الهزة الأرضية التي حدثت في تلك السنة . وتم ترميمه في عهد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور عام 141 ه / 758 م .. ثم تعرض المسجد لزلزال آخر في العهد الفاطمي سنة 425 ه / 1033 م ، فأعاد بناءه الخليفة الفاطمي الظاهر لإعزاز دين الله ( 427 ه / 1035 م ) . وقد وصف الرحالة الفارسي ناصر خسرو الذي زار المسجد بعد هذا الترميم عام 437 ه / 1045 م بوصف يشبه وصف المقدسي ، فقال : ” على الساحة خمسة عشر رواقا وعليها أبواب مزخرفة ، ارتفاع كل منها عشرة أدرع وعرضه ستة أدرع .”
أما اليوم ، فيتألف المسجد من رواق أوسط كبير يقوم على أعمدة رخامية ممتدا من الشمال إلى الجنوب ، يغطيه جملون مرصع بألواح الرصاص ، وينتهي من الجنوب بقبة عظيمة الهيئة والمنظر ، كروية الشكل ، تقوم على أربعة دعامات حجرية تعلوها أربعة عقود حجرية ، نتج عنها أربعة مثلثات ركنية لتكون بمثابة القاعدة التي تحمل رقبة القبة . والقبة نفسها مكونة من طبقتين : داخلية وخارجية زينت من الداخل بالزخارف الفسيفسائية والجبصية ، وأما من الخارج ، فقد تم تغطيتها بصفائح الألمنيوم ، واستبدلت حديثا بألواح من الرصاص .. وذلك في أثناء أعمال الترميم التي قامت به لجنة إعمار المسجد الأقصى . ويحيط بالرواق الأوسط من كلا جانبيه الغربي والشرقي ثلاثة أروقة من كل جانب جاءت موازية له وأقل ارتفاعا منه . وقد يطول بنا الحديث عن المسجد الأقصى في القدس الشريف ، إذ هناك مساجد أخرى ، كمسجد عمر بن الخطاب والمسجد الإبراهيمي في الخليل وغيرها مما لا يندرج في هذه السلسلة .
يقول تعالى في كتابه العزيز : “ سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا ، إنه هو السميع البصير. “
————————————–
1 ـ لمحة عن السيــــــــرة :
الاسم الكامل : منيـــــر البصكـــــــــــــــري الفيلالي
مكان الازدياد : أسفي
الجنسية : مغربيـــــــــة
2 ـ الشواهــد المحصل عليهــا :
ـ دكتــــوراه الدولة في الأدب العربي ـ كلية الآداب بالرباط ـ 27 يناير 2000
ـ دبلوم الدراسات العليا في الأدب العربي ـ كلية الآداب بالرباط ـ يوليوز 1988
ـ شهادة استكمال الدروس ـ كلية الآداب بالرباط ـ 1982
ـ الإجازة في الأدب العربي ـ كلية الآداب بالرباط ـ دورة يونيو 1980
ـ دبلوم المدرسة العليا للأساتذة ـ كلية علوم التربية ـ 1981
ـ شهادة الدراسات الإسلامية العليا ـ دار الحديث الحسنية ـ ( شعبة علوم القرآن والحديث ) 1982
ـ شهادة البكالوريا في الآداب العصرية ـ أسفــــي ـ 1976
ـ دبلوم في اللغة الإيطالية ـ جامعة ( بيرودجا و سييـنـــا ) 1988
3 ـ الأعمال التربوية والإدارية :
أستاذ بثانوية دار السلام : 1980 / 1991
أستاذ بثانوية اليمون : 1992 / 2003
أستاذ بثانوية عمر الخيام ( الأقسام التحضيرية ): 2001 / 2003
أستاذ التعليم العالي : 2003 / 2019
ـ منسق مسلك الدراسات العربية من : 2003 إلى 2012
ـ رئيس شعبة العلوم الإنسانية والآداب والفنون من : 2009 إلى 2012
ـ نائب العميد المكلف بالشؤون البيداغوجية ابتداء من يونيو 2012
ـ وسام ملكي من الدرجة الأولى ..
4 ـ أ ـ الأنشطة الثقافية والفكريــــــــــة
ـ عضو لجنة فحص البحوث الجامعية ـ جامعة محمد الخامس ـ كلية الآداب ـ الرباط
ـ عضو لجنة الملحـــــــــون الوطنية
ـ عضو جمعية الدراسات والأبحاث حول أسفـــي
ـ خبير بأكاديمية المملكة المغربية في إطار مشروع استكمال معلمة الملحون
ـ رئيس شرفي لجمعية الحاج محمد بن علي المسفيوي لطرب الملحون
ـ عضو مراسل لمجلة (النـــــــــور ) اللندنية
ـ عضو النادي الأدبي الجـــراري
ـ عضو مؤسســــة الفكــــر ( المقهــى الأدبــــي / أسفي )
ـ نائب رئيس مركز القاضي عياض للدراسات القانونية والتشريعية .
ـ عضو مؤسس للمركز المغربي للدراسات الإفريقية والسياسات الاستراتيجية
5 ـ فيما يخص أنشطة البحث العلمي :
ـ من الكتب المطبوعة :
ـ الشعر الملحون في أسفي
ـ منشورات مؤسسة دكالة عبدة للثقافة والتنمية عام 2000
ـ أوليا وصلحاء أسفي في الشعر الملحون ـ طبعة 2017
ـ أسفي ، تاريخ وتراث ـ طبعة 2017
ـ التي تنتظر الطبع : النزعة الصوفية في الشعر الملحون
ـ صدى رجالات أسفي في التاريخ ـ دليل شعراء الملحون بأسفي
ـ مشاركات ضمن ندوات ومؤتمرات علمية وطنية ودولية
ـ حاليا ( متقاعد متفرغ للبحث العلمي )