أخبار دولية

طائرات إف-35 في سويسرا.. الصفقة تمت لكن الجدل متواصل

جاء التوقيع في بيرن على صفقة شراء سويسرا لـ 30 طائرة مقاتلة أمريكية من طراز “إف-35” ليفرض الأمر الواقع بعد مخاض سياسي طويل، غير أن النقاش حول مصداقية العملية وجدواها التقنية والجيو استراتيجية بالنسبة للبلاد، يتواصل ليزيد من حدة الاستقطاب السياسي.

ويعتبر المجلس الفدرالي (الحكومة) أن الصفقة خطوة هامة في هذه الظرفية الدولية والإقليمية لتجديد مقدرات سلاح الجو السويسري، بينما يتمسك المعارضون، أساسا من داخل الحزب الاشتراكي والخضر بأن الاختيار خاطئ، يفتقد الشفافية، ولا يلائم حاجيات البلد الذي يعتمد الحياد العسكري خيارا دستوريا.

وكانت موافقة المجلس الوطني (البرلمان) قبل أيام المحطة التشريعية الأخيرة التي منحت الضوء الأخضر لاستكمال الصفقة التي واجهت مبادرة عنيدة رفعت شعار “أوقفوا صفقة F-35” ودافعت عن تنظيم استشارة شعبية بشأنها، قبل أن يعلن أصحابها سحبها بعد التوقيع لتفادي “استفتاء صوري” فاقد للمعنى في نظام يقدس الديمقراطية المباشرة.

وكان خيار الاستفتاء مطروحا بالفعل على الطاولة، بما يمدد مسلسل إنفاذ الصفقة لكن يبدو أن التحولات الجيو-سياسية والتهديدات الأمنية المتصلة بالحرب في أوكرانيا شجعت السلطات الفيدرالية على حسم القرار سريعا مستندة على تصويت شعبي مرجعي يعود إلى 2020، حيث أيد السويسريون مشروعا لرصد 6 مليارات فرنك سويسري (6.2 مليار دولار) لتجديد الأسطول الجوي القتالي.

في المقابل، تواترت الانتقادات من قبل المعارضة تجاه الكلفة المالية للطائرة التي صنعتها “لوكهيد مارتن” الأمريكية فضلا عما اعتبرته خطأ سياسيا يتعلق بتعميق التبعية الأمنية للولايات المتحدة على حساب العلاقة مع الحلفاء في الجوار الأوروبي. وتحيي هذه النقطة بالضبط تقارير سابقة تعود إلى ما قبل اتخاذ القرار الأولي لاقتناء هذه المقاتلات الأمريكية القادرة على حمل قنابل نووية، حول غضب فرنسي من اختيار سويسرا التزود من سوق السلاح الأمريكي.

ووجدت المستشارة الفدرالية المكلفة بالدفاع، فيولا أميرد، نفسها وسط العاصفة على خلفية اقتناء الطائرة الى حد أن مستشارا وطنيا اشتراكيا نشر كتابا كاملا يصف الصفقة بـ “فضيحة دولة”. ويتقاطع الكتاب مع أصوات تنبه إلى أن المقاتلة موجهة لقصف أهداف في مجال ترابي معاد، وهو ما يتنافى مع حاجيات جيش يركز توجهاته على القيام بدوريات أمنية جوية، وقائية بالأساس، كما أن الصفقة، في نظرهم، لن تنظر إليها قوى الاتحاد الأوروبي بعين الرضا، مما يعتبر مصدر ضرر للسياسة الخارجية السويسرية.

لكن الأنصار على اليمين يدعمون الاختيار الحكومي بوصف الـ إف-35 الطائرة التي حصلت على أفضل تقييم، كونها الأقل سعرا والأكثر تقدما على المستوى التكنولوجي، فضلا عن استخدامها على نطاق واسع في أوروبا وبلدان الناتو.

ويشدد هؤلاء على ضرورة استباق الانعكاسات المرتقبة للحرب في أوكرانيا والتعامل مع التهديد الأمني بالجدية المطلوبة. ويتعلق الأمر بنبرة جديدة في بلاد نعمت طويلا بشعور أمن استراتيجي لا يهتز، خوله إياها نظام الحياد الذي تعتمده فضلا عن توجهاتها السلمية واحتضانها لمختلف المؤسسات الدولية الناشطة في العمل الدولي من أجل السلام والتنمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض