
الدكتور عباس الجراري ، شخصية موسوعية متعددة العطاءات -الحلقة 29
إعداد : د. منير البصكري الفيلالي
وكم كانت سعادة الدكتور عباس الجراري ـ رحمه الله ـ غامرة وهو يكرم بمدينة آسفي العزيزة على قلبه مذكرا بأن الندوة تتناول قضية هي قضية الساعة ليس فقط في المغرب بل في العالم بأسره ،اعتبارا لأن قضية التنوع الثقافي قائمة على مسألة أكبر وقضية أكبر هي الاختلاف والحق في الاختلاف ..موضحا أن قضية الاختلاف قضية في طبيعة الكون وفي الحياة والإنسان ..مستدلا بقوله تعالى ” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى و شعوبا وقبائل لتعارفوا ..” أي خلقناكم شعوبا وقبائل مختلفة لتتكاملوا ولتتعاونوا ..وقوله تعالى ” ولو شاء ربك لجعلكم أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ” ، بمعنى سيظل الناس والمخلوقات مختلفة وهنا يكمن سر الخلق ..وفي حديثه عن الاختلاف في المغرب ، أوضح الدكتور عباس الجراري ـ رحمه الله ـ أن هناك تنوعا في مجالات عديدة سواء في المجال الاجتماعي أو المجال الثقافي ..كما أن مقتضيات الدستور الجديد للمملكة تؤكد على هذا التنوع ، معيدا إلى الأذهان التوجيهات الملكية السامية للملك محمد السادس في هذا الشأن . مستطردا أن التنوع بصفة عامة هو الخصوصيات التي تميز مجتمعا أو فئة من المجتمع عن غيرها ، مشددا على أن الإشارة إلى الخصوصيات لا تعني الانغلاق ولا تعني الانكماش ولا تعني الانطواء على الذات بقدر ما تعني الرغبة في التكامل مع الآخر مع خصوصيات الآخر بما يشكل وحدة الوطن وبما ينمي روح المواطنة في هذا الآخر. والتنوع الثقافي يحتاج إلى وحدة حتى لا يقع الانغلاق وراء الخصوصيات .. مذكرا بأن الجامعة لم تعمل منذ نشأتها على فتح المجال والباب للتنوع الثقافي والبحث في التنوع ، لكن يومئذ لم تكن الظروف ملائمة ومع ذلك أنجزت أعمال وقدمت بحوث وكون أساتذة باحثون في هذا المجال ، منبها بأن الآن وفي الوقت الحالي المسؤولية كبيرة والوقت ملائم والظرف ملائم ومعزز بكل شروط الأداء لكي يقوم الباحثون والأساتذة الدارسون بتوضيح كثير من الجزئيات وكثير مما يحتاجه التنوع الثقافي من نفض الغبار عليه لبلورته ووضعه على الطريق الصحيح . هي كلمات ما يزال يرددها فضاء مدرج كلية أسفي بعد أن تشربتها عقول وأذهان طلبة هذه الكلية . رحم الله أستاذنا الجليل ، الدكتور عباس الجراري وجعله مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن اولئك رفيقا اللهمّ أدخله الجنّة من غير مناقشة حساب، ولا سابقة عذاب. اللهمّ آنسه في وحدته ، وفي وحشته ، وفي غربته . اللهمّ أنزله منزلاً مباركاً، وأنت خير المنزلين. اللهمّ اجعل قبره روضةً من رياض الجنّة ، ولا تجعله حفرةً من حفر النّار. اللهمّ افسح له في قبره مدّ بصره، وافرش قبره من فراش الجنّة. اللهمّ أعده من عذاب القبر، واملأ قبره بالرّضا، والنّور، والفسحة، والسّرور. اللهمّ إنّه في ذمّتك وحبل جوارك، فقِهِ فتنة القبر، وعذاب النّار، وأنت أهل الوفاء والحقّ، فاغفر له وارحمه، إنّك أنت الغفور الرّحيم.
اللهمّ إنّا نتوسّل بك إليك، ونقسم بك عليك أن ترحمه ، وأن تثبّته عند السّؤال . اللهمّ آته برحمتك ورضاك ، حتّى تبعثه إلى جنّتك يا أرحم الرّاحمين. اللهمّ انقله من مواطن الدّود، وضيق اللّحود، إلى جنّات الخلود. اللهمّ احمه تحت الأرض، واستره يوم العرض، ولا تخزه يوم يبعثون “يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلّا من أتى الله بقلبٍ سليم“. اللهمّ يمّن كتابه، ويسّر حسابه، وثقّل بالحسنات ميزانه، وثبّت على الصّراط أقدامه، وأسكنه في أعلى الجنّات، بجوار حبيبك ومصطفاك صلّى الله عليه وسلّم. اللهمّ أمّنه من فزع يوم القيامة، ومن هول يوم القيامة، واجعل نفسه آمنةً مطمئنّةً، ولقّنه حجّته. اللهمّ اجعله في بطن القبر مطمئنّاً، وعند قيام الأشهاد آمناً، وبجود رضوانك واثقاً، وإلى أعلى درجاتك سابقاً. اللهم اجعل عن يمينه نوراً، حتّى تبعثه آمناً مطمئنّاً في نورٍ من نورك.
اللهمّ أسكنه فسيح الجنان ، واغفر له يا رحمن، وارحمه يا رحيم ، رحمةً تطمئنّ بها نفسه، وتقرّ بها عينه.. اللهمّ إنّه عبدك وابن عبدك وابن أمتك، مات وهو يشهد لك بالوحدانيّة، ولرسولك بالشّهادة، فاغفر له إنّك أنت الغفّار. اللهمّ لا تحرمنا أجره، ولا تفتنّا بعده، واغفر لنا وله، واجمعنا معه في جنّات النّعيم يا ربّ العالمين. اللهمّ أنزل على أهله الصّبر والسّلوان، وارضهم بقضائك. اللهمّ ثبّتهم على القول الثّابت في الحياة الدّنيا، وفي الآخرة، ويوم يقوم الأشهاد. اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فَرَطَاً وَذُخْراً لِوَالِدَيْهِ، وشَفِيعاً مُجَاباً، اللَّهُمَّ ثَقِّلْ بِهِ مَوَازِيْنَهُمَا، وأعْظِمْ بهِ أُجُورَهُمَا، وألْحِقْهُ بِصَالِحِ الـمُؤْمِنينَ، اللهمّ صلّ وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه وسلّم إلى يوم الدّين.