ثقافة

صدى نساء أسفي في التاريخ -الحلقة 29

إعداد : د. منير البصكري الفيلالي

  السيدة فاطمة الحراري ، نموذج لإسهام المرأة الأسفية في مجال العمل الجمعوي ، أهلتها التربية التي تلقتها سواء في البيت أو المدرسة ، أن تكون امرأة ناجحة مسايرة للرقي العصري . فكما هو معلوم ، فإن تربية الأمم هي صلاح الكون أو فساده ، ولا سبيل لأمة أن تحل المحل اللائق من الرقي إلا بتعليم الفتاة وتهذيبها . وبقدر تعميم رقيها الفكري والأخلاقي ، ترقى الأمة ، وبقدر نقصان ذلك التعميم تنحط الأمة . والسيدة فاطمة الحراري من النساء اللواتي حظين بتعليم أهلهن للقيام بأدوار مهمة في مجتمعهن .
   
السيدة فاطمة الحراري من مواليد مدينة أسفي عام 1936 ، التحقت في سن مبكرة بمدرسة الفقيه محمد الهسكوري ( مدرسة الهداية الإسلامية ) بأسفي .. فهي من قدماء تلامذة هذه المدرسة الرائدة في التربية والتعليم في فترة الحماية وبعد الاستقلال . وهي مدرسة ساهمت بشكل كبير في إعداد جيل متعلم متقف ومنفتح ، تربى على العلم والفضيلة والأخلاق الحميدة .
  
والجدير بالذكر أن الفقيه الهسكوري رحمه الله ، كان من أول الدعاة إلى تعليم المرأة . فقد وجد لها مكانا في مدرسته ، وتخرجت على يده نساء كثيرات نلن مراكز القرار من أمثال السيدة لطيفة الشقوري ، قاضية بالمجلس الأعلى ، والسيدة ربيعة الإدريسي الحسني الدبلوماسية المحنكة ، والسيدة جميلة الركوش ، صيدلية ناجحة ، والأستاذتان الجامعيتان نفيسة الذهبي وزهراء إخوان وغيرهن كثيرات .

   عرف عن السيدة الحراري التفوق الدراسي والنبوغ منذ طفولتها ، فكانت أول فتاة تصعد منبر الخطابة سنة 1951 حيث رحبت بلجنة الامتحان لنيل الشهادة الابتدائية التي كان يرأسها آنذاك قاضي مدينة أسفي الفقيه العبادي . وفي سنة 1956 التحقت كمعلمة بوزارة التربية الوطنية ، ووقع عليها الاختيار سنة 1958 فلقاء كلمة الترحيب بسمو الأميرة لالة عائشة خلال وضع الحجر الأساس للخيرية الإسلامية بأسفي . ومنذ 1989 ، أسند إليها تسيير إدارات مدرسية مختلفة ، مدرسة أحمد عاشور ، مدرسة أنس بن مالك ، مدرسة زين العابدين بنات ، وأخيرا مدرسة محمد الغياتي بنات .
 
هي عضوة نشيطة في عدة جمعيات وهيئات ، فكانت وراء تحقيق غير قليل من الأمور الإيجابية لصالح المجتمع الآسفي ، طموحها وشغلها الشاغل ، هو النهوض بقطاع المراة حتى تتبوأ المكانة اللائقة بها ، إلى جانب ما سبق ، جمعت السيدة فاطمة الحراري بين أناقة المظهر وطهارة الروح اقتضتها الحشمة والوقار والصيانة ، ولله در ابن زيدون إذ يقول :

             لسنا نسميك إجـــلالا وتكــــــــرمة       فقدرك المعتلي  عن ذاك يغنينا

             إذا انفردت وما شوركت في صفـة         فحسبنا الوصف إيضاحا وتبيينا ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض