
صراع المناصب يشعل فتيل الخلافات الداخلية بين الفرق في مجلس المستشارين
رغم ما بدا من سلاسة في انتخاب محمد ولد الرشيد رئيساً جديداً لمجلس المستشارين، إلا أن هذا الهدوء الظاهري لم يكن سوى ستار يخفي وراءه صراعات قوية تشهدها الغرفة الثانية للبرلمان، فبينما جرت جلسة التصويت بشكل سلس، سرعان ما عادت الأجواء إلى التوتر بعد احتدام الصراع بين الفرق السياسية حول توزيع المناصب الرئيسية داخل هياكل المجلس، بما في ذلك مكتب المجلس، الفرق البرلمانية، واللجان الدائمة.
هذه الخلافات لم تقتصر على المعارضة وحدها بل شملت فرق الأغلبية أيضاً، مما كشف عن انقسامات عميقة داخل الأحزاب السياسية، وقد تُهدد هذه الانقسامات بتأجيل استكمال عملية انتخاب الهياكل التنظيمية، وهو ما قد يُحدث حالة من الارتباك في أداء المؤسسة التشريعية.
ورغم تحديد موعد للجلسة الثانية يوم الاثنين 14 أكتوبر لاستكمال انتخاب الهياكل، إلا أن معظم الفرق السياسية لم تنجح في تقديم لوائح مرشحيها وفقاً لمقتضيات النظام الداخلي للمجلس. على سبيل المثال، فريق التجمع الوطني للأحرار يشهد حالة من التوتر الحاد، حيث لم يتمكن الأعضاء من الاتفاق على مرشحيهم لشغل مناصب المسؤولية مثل رئاسة الفريق، العضوية في مكتب المجلس، ورئاسة اللجان الدائمة. هذا وقد جاء هذا الانقسام نتيجة لشعور العديد من الأعضاء بعدم الرضا عن أداء ممثليهم في النصف الأول من الولاية التشريعية، خاصة محمد حنين، جواد الهلالي، ومصطفى مشارك.
ولا يقتصر الصراع على التجمع الوطني للأحرار فقط، ففريق حزب الاستقلال هو الآخر يشهد تنافساً داخلياً بين جناح الرئيس الجديد محمد ولد الرشيد وأعضاء مثل محمد زيدوح وعبد القادر الكيحل، وبين شخصيات أخرى مثل لحسن حداد والطرمونية. هذه الصراعات تعود إلى محاولات التخلص من إرث الرئيس السابق النِّعم ميارة، ما أدى إلى إبعاد شخصيات بارزة مثل فؤاد القاديري ومحمد سالم بنمسعود.
أما في صفوف الحركة الشعبية، فقد وصلت الصراعات إلى درجة أشبه بـ **”حرب أهلية”**، خاصة فيما يتعلق بمنصب الخليفة الرابع لرئيس المجلس الذي يشغله المهدي عثمون، المحكوم عليه بالسجن، وهناك معارضة قوية من قبل أعضاء الفريق، بقيادة عبد الرحمن الإدريسي، لترشيح يحفضو بنمبارك لهذا المنصب، مما دفع بعضهم إلى التهديد بمغادرة الحزب.
الصراعات امتدت أيضاً لتشمل فرقاً أخرى مثل الأصالة والمعاصرة، فريق اتحاد المقاولات وفريق الاتحاد الاشتراكي، حيث تدور معارك حول المناصب التنظيمية والمسؤوليات، ما جعل المجلس يواجه احتمالية تأجيل عملية انتخاب أجهزته إلى أجل غير مسمى.
ومن المتوقع أن تتأخر عملية استكمال انتخاب الهياكل لما يزيد عن أسبوع، وهو ما قد يُعطل مناقشة ما يقارب مشروع قانون مدرج على جدول أعمال الدورة التشريعية الحالية، ويُعرقل المصادقة على ميزانيات مهمة تُقدر بمليارات الدراهم.