
صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 69
إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
ولما استقام عوده، تقلب السي عبد الرحيم في عدة مناصب بقطاع التربية والتعليم ، فكان نموذج الأستاذ المربي والإداري المحنك ، بدءا من مدرسة النهضة (الحرة) التي كان يسيرها الفقيه السي عبد السلام المستاري كما سلف الذكر، حيث عمل بها ثلاثة مواسم دراسية ، لينتقل بعد ذلك إلى التعليم الحكومي كمعلم غير رسمي. وبعد سنتين، سيلتحق بمركز تكوين المعلمين بمراكش وذلك بعد حصول المغرب على استقلاله. وبعد التخرج، عين السي عبد الرحيم الوزاني معلما بمدرسة البنات بأسفي، ثم مفتشا مساعدا بنيابة بني ملال لمدة سنتين. وفي سنة 1963، سيكلف بمهمة تدريس مادة التربية وعلم النفس بمركز تكوين المعلمين بأسفي ، وسيختم مساره التربوي بالتسيير الإداري، حيث شغل منصب حارس عام بإعدادية الطيب بن هيمة بأسفي ، ثم مديرا لإعدادية ابن الخطيب بمراكش من 1983 إلى 1986.
يتبين إذن أن الأستاذ عبد الرحيم الوزاني قد مارس التدريس في مرحلتين مختلفتين، تتعلق المرحلة الأولى بفترة ما قبل الاستقلال وفيها اشتغل بمدرسة النهضة الحرة التي كانت تعد واجهة لبث الحماس النضالي ومشتلا لتكوين الأطر . وهكذا وجدناه في طليعة النخبة التي حملت قيم الحرية والكرامة والتنمية والتقدم ، فكان نموذج الرجل المربي والوطني في زمن عرف الكثير من مضايقات السلطات الاستعمارية . أما المرحلة الثانية فتتعلق بفترة ما بعد الاستقلال ، حيث أبان الأستاذ الوزاني عن قدرة فائقة في مجال التربية والتعليم والتوجيه ، فاستطاع أن يثبت جدارته ليكون ضمن تلك النخبة من رجال التعليم التي أخذت على عاتقها تخريج أفواج من الأطر ذات الكفاءة العالية ، فكان منهم الطبيب والمهندس والصيدلي والقاضي والمحامي والأستاذ والإعلامي ، وكلهم كانوا من أبناء أسفي.
الأمر الثاني: إلى جانب مساره التربوي، هناك مسار آخر في حياته، قد عرف عدة تجاذبات سياسية أفرزها وجود المستعمر الفرنسي .. فكانت مدينة أسفي من المدن الرائدة في محاربته، متفردة عن غيرها من المدن في مجابهته وشل قدراته، مما يبرز أنه كان لأسفي ولأبنائها وعي وطني كبير. ولا شك أن السي عبد الرحيم قد أفاد كثيرا من هذا المعطى خاصة فيما يتعلق بتكوينه الوطني علاوة على تنشئته. ذلك ـ وكما أشرنا سابقا ـ أن والده رحمه الله، عرف بنشاطه الوطني، فكان أحد مؤسسي الحركة الوطنية بمدينة أسفي.
يتبع …