سياسة

مشروع مدارس الريادة: نجاحات وإخفاقات متتالية  وشبح الفشل في الأفق 

MCG24

شهد مشروع “مدارس الريادة” نجاحات ملموسة مقارنة بالنظام التعليمي القديم، وفقًا لتقييمات وطنية ودولية متعددة، ومع ذلك، يعاني المشروع من إخفاقات واختلالات تعود أساسًا إلى عدم التزام بعض الشركاء بالتعهدات التي قطعتها الوزارة معهم.  

تزايدت الضغوط على وزارة التربية الوطنية مؤخرًا، خاصة بعد التعديل الحكومي، فقد لجأ بعض الشركاء إلى كسب الوقت وتأخير الوفاء بالالتزامات التي تم الاتفاق عليها مع الوزير السابق، مما تسبب في تأخير تسليم المقررات الدراسية في الوقت المناسب، وهي مشكلة أثرت بشكل مباشر على سير العملية التعليمية.  

كانت صفقة تزويد مدارس الريادة بالمقررات الدراسية محورًا رئيسيًا للأزمة، إذ لم يتسلم إلى حد الآن تلاميذ بعض المدارس جميع الكتب الدراسية، مع العلم أن هذه المقررات غير متوفرة في الأسواق، مما يجعل الأسر عاجزة عن شرائها من مصادر أخرى. أدى هذا التأخير إلى توتر العلاقة بين الوزارة والشركة المكلفة، مما انتهى بفسخ العقد وفرض غرامات مالية عليها، وهو ما أثر على انتظام الموسم الدراسي.  

لم تعد الأزمة مقتصرة على المؤسسات التعليمية والأسر، بل انتقلت إلى قبة البرلمان. حيث وجهت النائبة البرلمانية فاطمة التامني سؤالًا كتابيًا إلى الوزير الوصي حول اختلالات الصفقة، وكشفت التامني أن قيمة الصفقة بلغت سبع مليارات درهم، مشيرة إلى وجود اختلالات دفعت الوزارة إلى فسخ العقد وفرض غرامات. كما دعت إلى التحقق من تفاصيل الصفقة ومحاسبة الأطراف المتورطة، إضافة إلى مراجعة الصفقات السابقة لضمان النزاهة واحترام مبدأ تكافؤ الفرص.  

لجأت الوزارة إلى حلول مؤقتة لمعالجة التأخير أقل ما يمكن أن توصف بها أنها حلول ترقيعية، منها طباعة محتوى الكتب بطريقة “فوطوكوبي” لتوزيعها على التلاميذ، في انتظار طباعة المقررات النهائية، لكن هذه الحلول أثارت غضب أولياء الأمور، خاصة أن بعض التلاميذ تسلموا كتبًا معينة بينما آخرون ما زالوا ينتظرون، مما خلق حالة من التفاوت وعدم المساواة.  

وفي سياق متصل، يعيش عدد من أولياء الأمور تخوفات من التحصيل الدراسي وتراجع مستويات أبنائهم بسبب هذا النوع الجديد من المدارس، خاصة بالنسبة للتلاميذ المتفوقين، الذين يؤكدون على نهج بيداغوجية تعليمية مخصصة للتلاميذ الذين يعانون من تأخر دراسي وصعوبات في التعلم، مما من شأنه التأثير على تطور المتفوقين تعليميا.

تطرح هذه الأزمة تساؤلات حول أسباب إسناد صفقة ضخمة كهذه لشركة واحدة، فعدد التلاميذ المستفيدين من مدارس الريادة هذه السنة يتجاوز مليوني تلميذ، وكل تلميذ بحاجة إلى عدة كتب. ورغم ذلك، تم تكليف شركة واحدة بالطباعة، مما أدى إلى عجزها عن الالتزام بالمواعيد المحددة، وتسبب في اختلالات أثرت على العملية التعليمية بشكل كبير.  

تعكس هذه الأزمة الحاجة الماسة إلى مراجعة شاملة لآليات إبرام الصفقات المتعلقة بالمشاريع الكبرى، مع تعزيز مبدأ تكافؤ الفرص ومحاسبة المتورطين في أي إخلال بالالتزامات. على الوزارة والشركاء العمل بجدية لضمان استمرار نجاح مدارس الريادة وتحقيق الأهداف المرجوة منها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية − ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض