
“خبز الأرصفة أكثر المواد عرضة للتلوث، لأنه لا يُغسل”
علي شتور يدعو لتشديد المراقبة على المخابز العشوائية
عبد اللطيف أفلا
كثر الحديث عن التسممات الغذائية، بتوالي حالاتها التي تزداد أرقامها أكثر فأكثر، والمصابين الأوائل هي الفئات البسيطة من المواطنين، وذلك لأنهم ورغما عنهم، هم الزبناء الدائمين والأوفياء للمطاعم العشوائية، والمواد الغذائية القديمة أو تلك التي لا تخضع للمراقبة، ولا تحترم شروط السلامة الصحية، والأكثر أنها تكون أقل سعرا من تلك التي تُعرض في المتاجر الكبيرة، والمخابز والمحلات المصنفة لبيع الأطعمة ومواد الاستهلاك اليومية، وكل ذلك راجع لضعف القدرة الشرائية لتلك الطبقة من المستهلكين، مما يجعلهم يتجاهلون مخاطر تعريض صحتهم وصحة أسرهم للخطر، مما يصور ضعف أو انعدام ثقافة الاستهلاك لديهم ولو كانوا مرغمين لضيق ذات اليد.
ومن أكثر المواد الغذائية التي لا غنى عنها في كل الوجبات، هي الخبز، لذلك تجد أكثر المشاهد ألفة لدى الساكنة والمارين، حيث أنك لا تلتفت هنا وهناك داخل الأحياء الشعبية إلا وتقابلك عربات الخبز مدفوعة بباعة متجولين، او مركونة عن جنبات الطريق والأرصفة أو في رأس الدروب والزقق، وعند مداخل المساجد والحمامات.
نتطرق لهذا الملف من زاوية تحسيسية بشرط السلامة والنظافة، و ليس من رؤية استضعافية أو تقليل من هؤلاء البسطاء الذي يقتاتون من تجارة الخبز، إما بيعا بالتقسيط، أو إنتاجا له في محلات غير صالحة، مليئة بالصراصير والحشرات، ناهيك عن العاملين بها، في عجن الدقيق و طهي الخبز، وحمله وبيعه بأيادي مكشوفة، وشعر عاري، ولباس غير نظيف، بل إنك تصادف من يشتغل بالداخل وهو عاري من نصفه العلوي.
نقاشا لهذا الواقع اليومي، أو ظاهرة خبز الأرصفة، أجرى موقعنا الإخباري لقاءا مع رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك الأستاذ علي شتور، فتحدث إلينا قائلا:
“أولا قبل أي شيء، نحن لا نحتقر أحدا، ولا نقلل من البسطاء العاملين، ولا نعمل على محاربة مصدر قوتهم اليومي، ولكن بحكم واجبنا في حماية المستهلك، وإشعاع ثقافة الاستهلاك لدى المواطن المغربي، فإننا في جمعيتنا المنضوية تحت لواء الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، ننبه إلا أن بيع الخبز بطريقة عشوائية، قد يؤدي الى مخاطر صحية بما في ذلك التسمم الغذائي، اذا لم يتم تحضيره في بيئة نظيفة ومطابقة للمعايير الصحية فقد يتلوث بالبكتيريا او الفطريات… ومن غير المعقول أن نتبادل اللوم والمسؤولية حول اسباب ارتفاع حالات التسممات الغذائية، و موضوع الخبز كما أشرتم، للأسف انه يباع في اماكن مكشوفة، تجعله عرضة لغبار الأتربة، والحشرات وأشعة الشمس، وأبخرة الدراجات النارية، هذا بالإضافة تقليب الزبناء لقطع الخبز كما لو كانت مناديل، بأيادي غير نظيفة، الشيء الذي قد يسهل نقل بعض الأمراض بسهولة الى المستهلك، في غياب المراقبة والتتبع، لأنه ليس من المستبعد أن يكون أحد العاملين أو أكثر من واحد ممن يشتغلون في إنتاج الخبز وتوزيعه وبيعه على الطرقات مصابا بأمراض معدية، كداء السل، أو جرثومة المعدية التي انتشرت بشكل مخيف، وغيرها من الأمراض، وهذا محتمل بنسبة كبيرة، وما يثير الاستغراب ان هذا يقع في هذه المدينة العالمية الدار البيضاء..”
وبخصوص الحل الفعلي للحد من هذا العبث بصحة البسطاء، يضيف الأستاذ شتور :
” علينا جميعا أن ندرك بأن الخبز المكشوف، والذي يُباع في الطرقات وعلى الأرصفة، يعتبر أكثر المواد عرضة للتلوث، لأنه لا يُغسل، لذلك يمثل أكبر تهديد للسلامة الصحية، وهنا نطالب من الجهات المسؤولة القيام بعمليات تفتيش مستمر و ليس موسميا على المخابز، بدءا بتلك التي تتواجد داخل الأحياء الشعبية، وأن تتدخل بحزم لردع المخالفين وفرض رقابة صارمة طبقا للقانون 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك، لأن صحة المواطن خط أحمر، ولا يمكن التهاون أو التسامح، مع من يستبيحها بغرض الربح السريع..”
وطالبت الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك بضرورة متابعة نقاط البيع، والتأكد من أن الخبز المنتج، يلتزم بالمواصفات الصحية المعايير المطلوبة من حيت الوزن، والحجم، ونسبة المكونات.
وفي مجال تنمية ثقافة الاستهلاك لدى الزبون، يقول السيد شتور:
” لأن الوقاية افضل من العلاج، فإن المواطن المغربي هو المسؤول الأول والأخير عن صحته وصحة أبنائه، لذا يجب عليه اختيار الأماكن الخاضعة للمراقبة، والتي تتبع معايير السلامة والأمان وتلتزم بالجودة، وأن يحاول الابتعاد ما امكن عن الاماكن العشوائية تفاديا لكل طارئ، كما عليه أن يساهم في تنمية الوطن، والقضاء على كل الممارسات التي تضر بالمستهلك، من خلال اكتساب جرأة رفع شكايات ضد الغشاشين والمتلاعبين بصحة الناس، كفرض عين من الجانب الديني الذي دعانا لتغيير المنكر قدر الاستطاعة، وهنا ما عليه السكوت وتغيير مكان تسوقه نحو مكان آخر، بل عليه أن يبلغ عنه في إطار المواطنة والمسؤولية الفردية والمجتمعية..”