
لا يزال الهدر المدرسي يمثل تحديًا كبيرًا أمام المنظومة التعليمية المغربية، حيث يغادر سنويًا أكثر من 300 ألف تلميذ مقاعد الدراسة، وهو ما يشكل نزيفًا حادًا يؤثر على مستقبل الأجيال. في عهد الوزير شكيب بنموسى والذي عينه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في منصب المندوب السامي للتخطيط خلفا للحليمي، كان هذا التحدي من أبرز القضايا التي حاولت الوزارة معالجتها من خلال إطلاق مجموعة من المبادرات والإجراءات للحد من هذه الظاهرة، وإعادة التلاميذ المنقطعين إلى المدرسة، ورغم أن بنموسى لم يعد يشغل منصب وزير التربية الوطنية، إلا أن السياسات التي وضعها والتدخلات التي قادها ما زالت مستمرة في مواجهة هذه الإشكالية.
من بين أهم التدابير التي تم تنفيذها خلال فترة ولاية بنموسى، كان التعاون مع النيابة العامة وجمعيات الآباء للحد من ظاهرة الزواج المبكر بين الفتيات القاصرات، وقد أسفرت هذه الجهود عن إيقاف زواج 533 فتاة قاصرة كن على وشك الدخول في زيجات مبكرة، مما كان سيؤدي إلى انقطاعهن عن الدراسة. جاء هذا الإجراء ليشكل خطوة هامة في حماية حق الفتيات في التعليم، وتعزيز دور المدرسة في محاربة هذه الظاهرة.
خلال الفترة التي تولى فيها بنموسى الوزارة، توسعت المبادرات لتشمل التنسيق مع السلطات المحلية والجماعات الترابية، إضافة إلى مئات جمعيات المجتمع المدني التي ساهمت في توفير المعلومات حول التلاميذ المنقطعين، بمن فيهم الفتيات القاصرات. بفضل هذا التعاون، تمكنت الوزارة من إعادة عدد كبير من الأطفال إلى مقاعد الدراسة، وإيقاف زيجات غير قانونية كانت تهدد مستقبلهم.
وبعد مغادرة بنموسى لمنصبه، وفي انتظار خليفته على رأس الحقيبة الوزارية، ستستمر الوزارة في تنفيذ خطة “قافلة التعبئة المجتمعية”، التي أطلقها سلفه، لمعالجة أوضاع الأطفال غير المسجلين في الحالة المدنية. وتمكنت هذه الحملة من تسوية وضعية 1646 طفلًا غير مسجلين، مما أتاح لهم العودة إلى المدرسة، كما تم تسليم 884 شهادة مغادرة للأمهات اللاتي كن في نزاعات مع أزواجهن، مما ساعد في إعادة إدماج أبنائهن في النظام التعليمي.
وعلى الرغم من أن بنموسى لم يعد وزيرًا، إلا أن السياسات التي وضعها والإصلاحات التي أشرف عليها في قطاع التعليم لا تزال تشكل ركيزة أساسية في مواجهة مشكلة الهدر المدرسي، وتعكس التزام الدولة بحق الأطفال في التعليم وتحقيق تكافؤ الفرص للجميع، في انتظار أن يتم تعيين الوزير الجديد ومعرفة المشاريع والإصلاحات التي سيقترحها من أجل الارتقاء بهذه الحقيبة المهمة.