رياضة

“ديرو النية”…

الدكتور محمد التهامي الحراق
للإسهام في إضاءة مفهوم “النية” وطاقته الإيمانية والعقلانية في ذات الوقت؛ نستحضر الحديث القدسي الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم في ما يرويه عن ربه : “أنا عند ظنِّ عبدي بي فليظُنَّ بي ما شاء”.
إن الظن هنا ليس فقط فعلا محايدا للظانّ، وليس مجرد انطباع وتوقع وميل للاحتمال الجميل على سبيل “التفاؤل” أو “التمني”….الظن هنا قوة يقين فاعلة في المستقبل، وعنصر محدِّدٌ لمصير الظان من خلال ظنّه.
إن الظن هنا يصبح كتابة لقدر الظانّ بحسب ظنه، وطاقةً معنوية فعالة تميل بالواقع نحو يقين الظانّ. وللإشارة فهذا الظن يحمل طاقة معنوية تُترجَم إلى سعي عملي قوي متيقن  من بلوغ المظنون، وهو ما يجعل المطلق يضمنه ويوقِعه ويُوَقّع عليه. هذا هو المدلول الإيماني العقلاني ل”النية”. إنها ليست سذاجة، ولا تواكلا، ولا تمنيا كسولا، ولا “يقينا” نظريا، ولا أفقا سحريا يجعل الإنسان وقدره مفعولات لا فواعل….”النية” هنا  قصد ويقين، تصديق وسعي، إيمان مع عمل وعمل بإيمان.
“النية” تجعل هنا مصير المرء بين يديه، عَملُه بنِيَّته، ونيَّتُهُ بعَملِه. “النيةُ” تصديق للسماء بقدرة الإنسان على صياغة قَدَرِه؛ وليست أبدا تفويضا استسلاميا مُطلَقا للسماء بصياغة هذا القدر. إنها إقرار بأن صفحة الأقدار في السماء يكتبُ القسط الأوفر منها الإنسانُ نفسُه على الأرض، وكلما تطوَّر هذا الإنسان عقلا وإيمانا وَسّع من مساحة ما يكتبُه من قدره، خيرِه وشرِّه، في عاجله وآجله. ذاك ما يبلوره مفهوم “النية” منظورا إليه من زاوية عقلانية إيمانية؛ وتلك قطرةٌ من أسرار الحديث القدسي المعجز: “أنا عند ظنِّ عبدي بي فليظُنَّ بي ما شاء”.
ديرو النية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 + 16 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض