ثقافة

صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة الأولى

 إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي

 نقدم لقراء MCG 24 الأعزاء ، حلقات عن مجموعة من رجالات مدينة أسفي، الذين بصموا تاريخها وقدموا الكثير من الأعمال الجليلة والتضحيات الجسام ..وساهموا بدور كبير في الرفع من قيمة وطنهم على مر العصور والأزمان .وعنوان هذه السلسلة من المقالات هو : صدى رجالات أسفي في التاريخ ” . فأسفي لم تكن يوما بؤرة للإجرام على حد ما سجلنا في المدة الأخيرة، حيث عرفت المدينة أحداثا إجرامية مقيتة ، وهيأفعال لا تمت بصلة لتقاليد وتاريخ وقيم أهل أسفي ، ولا بحضارة مدينتهم العريقة التي شكلت دوما أرضا للتعايش والتساكن واحترام التعدد والاختلاف ، بل إن مدينة أسفي ، بهويتها المتعددة ومكانتها الروحية والحضارية ، شكلت عبر التاريخ مشتلا لزرع قيم الانفتاح والتضامن والتنوع الإثني والثقافي المتعدد المشارب.”
   
فطوال تاريخ المغرب كله، كان دور مدينة أسفي فعالا ومساهمتها في مختلف المجالات معروفة.. وإن كنا نجهل حجم وطبيعة هذا الدور وتلك المساهمة خلال القرون الخمسة الهجرية الأولى، والتي كانت أكثر القرون غموضا في تاريخ المغرب على وجه العموم.. وباستثناء ما ذكره الفقيه محمد بن أحمد الكانوني في كتابه أسفي وما إليهفإن باقي المؤرخين لا يتوسعون بالشكل المطلوب في الكتابة عن تأريخ أسفي، بداية من الفتح الإسلاميفعقبة بن نافع ترك جماعة من أهل العلم بغية نشر تعاليم الدين الإسلامي، وكان منهم شخص يدعى شاكربنى رباطا ببلد احمر حوز أسفي، إضافة إلى العمل الكبير الذي قام به رجال رجراجة في القرون الأولى من الإسلام حيث كان لهم الفضل في توسيع دائرة نشر الدين الإسلامي وتعاليمه، ولا ننسى أن مدينة أسفي نالت في العهد المرابطي حظا وافرا من الاهتمام بالعلوم ومختلف المعارف نظرا لقربها من مدينة مراكش عاصمة المرابطين.. أما في العهد الموحدي، فالتاريخ يذكر لنا ما عرفته أسفي من حضارة وتمدن، حيث علا شأنها، وسما ذكرها، فحظيت باهتمام الدولة الموحدية التي سورت المدينة. كما بنت بها المعاهد العلمية والدينية، مما ساعد على نبوغ غير قليل من رجالاتها، وفي طليعتهم آنذاك الشيخ أبو محمد صالح الماجري المتوفى سنة 631، بالإضافة إلى أبنائه وتلاميذه، ونذكر منهم علي بن مسعود الرجراجي صاحب كتاب منهاج التحصيل فيما للأئمة على المدونة من التأويل“.
   
كما نذكر حفيده أبا العباس أحمد بن ابراهيم صاحب كتاب المنهاج الواضح في تحقيق كرامات الشيخ أبي محمد صالح.. ولا ننسى ما نالته أسفي من حظ مهم في العهد المريني، حيث تقدمت العلوم وعرفت المدينة نهضة مواكبة لمختلف المجالات، فبلغت بذلك أوجها من التحضر، وأسست بها المدرسة والمستشفى، وهما عنوان الرقي في ذلك الحين.. مما جعل ابن خلدون يطلق عليها حاضرة البحر المحيط“. وفي هذه الفترة نبغ غير قليل من رجالاتها نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:
محمد بن سعيد الهنا في مؤلف كتاب:معتمد الناجب في إيضاح مبهمات بن الحاجب،وكتاب كنز الأسرار لمواقع الأفكار“.
موسى بن أبي علي الزناني صاحب كتاب: شرح الموطأ والمدونة والمولد النبوي“.        ـ عبد الله بن أحمد بن معاوية صاحب كتاب:”إيضاح اللبس والخفا عن ألفاظ الشفا“.
ـ حسن بن طلحة الرجراجي صاحب كتاب: الفوائد الجميلة على الآيات الجليلة، وكتاب:” تنبيه العطشان على مورد الظمآن في رسم القرآن. ثم كتاب: “رفع النقاب عن تنقيح الشهاب.إلى غير ذلك من أسماء الرجال الذين برزوا بعلومهم ومعارفهم في ذلك الحين، وكانت لهم مساهمات علمية قيمة، إضافة إلى ما عرف عنهم من سلوك فاضل وخلق نبيل وتواضع جم، فكانوا مثالا للنبل وللمكارم وللقيم المثلى.. وبذلك ترك هؤلاء الرجال صدى كبيرا في نفوس كل من كان به السهم ويجايلهم ويستمتع بعطاءاتهم العلمية.
وللتذكير، نجد الفقيه الكانوني في كتابه، أسفي وما إليه قديما وحديثاينوه بأهل هذه المدينة ويصفهم بالكرم والجود والأدب والخلق الحسن، مستشهدا ببعض أشعار من زار أسفي وشهد لأهلها بجملة من الأوصاف الحسنة على حد قول أبي حفص عمر بن عبد الله الفاسي:
           
لله دركم بني أسفــــــيــي       فنزيـلكم يشفى من الأسـف
         
أخلاقكم كالعطر في نفس       ووجوهكم كالبدر في شرف
أو قول محمد بن طاهر الهواري:
      
أهلا بأهل أسفــــي       من كل خـل منصـــف
      
أكرم بهم من معشــر      حازوا الجمال اليوسفــي
      
سادوا الأنام كرمـــا      فـمثـلهـم فـلتعـــــرف
      
إن جئتهم نلت المنــى      مـن غيـر ما تعـــرف
      
أو انتجعت جودهـــم      فلك ما لم يوصـــــف

       بلدتهــم طيبــــة     تقضي بنفي الأســــف

أو قول الوزير بن إدريس:

          إن لم تعاشر أناسا خيموا أسفي

                                فقل على عمر قد ضاع وا أسفي..

ذ. منير البصكري
الدكتور منير البصكري الفيلالي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض