ثقافة

كوفيد-19.. المسارح ترفع الستار من جديد

بعد أربعة عشر شهرا من الإغلاق بسبب جائحة كوفيد-19، تستعد المسارح بالمغرب لرفع ستائرها مرة أخرى، ليجدد الفنانون وصلهم بالخشبة وبالجمهور المتعطش لحضور العروض الفنية الحية بعدما ح رم منها نهائيا لمدة من الوقت واستعاض عنها مجبرا في ما بعد بالعروض الافتراضية.

ويأتي هذا المستجد تبعا لقرار الحكومة إعادة فتح قاعات السينما والمسارح والمراكز الثقافية واستقبال 50 في المائة من طاقتها الاستيعابية، إثر تحسن المؤشرات المتعلقة بالوضع الوبائي بالمملكة.

وخلف هذا القرار ارتياحا لدى القائمين على هذه البنيات الثقافية ذات البعد الجماهيري، وكذا لدى مهنيي القطاع الذين طالما نادوا إلى “مراعاة الظروف الاجتماعية والثقافية المقلقة التي ظلوا يعيشونها بسبب فقدان الشغل إثر التوقف الكلي للحياة المسرحية الناجم عن تداعيات الجائحة” بتعبير النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية.

وفي هذا الصدد، قال مدير مسرح محمد الخامس، السيد محمد بنحساين، إنه “بسعادة غامرة يستعد مسرح محمد الخامس لإعادة فتح أبوابه في وجه جمهور العاصمة، وكذا في وجه الفنانين والفاعلين الثقافيين الوطنيين والدوليين من أجل تمكينهم من تجديد الوصل الذي نسجوه منذ عقود مع جمالية الفنون والإبداع الثقافي”.

وأضاف بنحساين في كلمة على الموقع الإلكتروني للمسرح، أن “الأمر يتعلق بإعادة فتح على إيقاع الحذر واحترام التدابير الصحية الإجبارية لأنه من الضروري حماية المكتسبات التي تحققت طيلة السنة الماضية، حتى يتم الاستئناف في إطار الاستمرارية”.

وأعلن المسؤول في هذا الصدد، أن الجمهور سيكون على موعد مع برمجة منتقاة وعروض جيدة من قبيل حفلات الموسيقى الكلاسيكية لأوركسترا فيلارمونيك المغرب، وأوركسترا منطقة روماندي السويسرية، والإنتاجات المسرحية الجديدة، وأمسيات التراث وحفلات الرقص.

وفي انتظار الدخول الثقافي لشتنبر 2021، أعلن مسرح محمد الخامس عن برمجة عدد من العروض الفنية التي يجدد من خلالها الجمهور وصلهم بأبي الفنون، وبالتظاهرات التي يحتضنها في العادة.

وفي هذا الصدد، سيكون الجمهور على موعد مع مسرحية (جا وجاب) لفرقة المسرح الوطني (يوم 11 يونيو الجاري)، وعرض الفنان المغربي حسن الجاي (قواعد العشق الأربعون) (يوم 24 يونيو الجاري).

ومن ضمن التظاهرات المبرمجة أيضا، هناك معرض للفنان المصور محمد الحقوني تحت عنوان “لنعش المسرح بشكل مختلف” سينطلق يوم 15 يونيو الجاري، وغيرها.

بدوره، يعيد مسرح محمد السادس بوجدة، فتح أبوابه من خلال احتضان الدورة الثامنة والعشرين لمهرجان الطرب الغرناطي من 10 إلى 13 يونيو الجاري تحت شعار “الطرب الغرناطي عرفان بالجميل للفن الأصيل”.

وقد سطرت هذه الدورة التي ستنظم هذه السنة، حضوريا وافتراضيا عبر الصفحة الرسمية للمديرية الجهوية للثقافة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، برنامجا ثقافيا وفنيا متنوعا من خلال سهرات موسيقية تراثية بمشاركة مجموعة متميزة من الفرق التي تمثل هذا الفن.

القائمون على هذا الحدث يؤكدون أنه يندرج في إطار الحفاظ على الموروث الفني الوطني، والتخفيف من الآثار السلبية لجائحة كوفيد- 19 على الممارسة الفنية بالمغرب.

يشار إلى أن الفضاءات الثقافية ذات البعد الجماهيري من قبيل المسارح، كانت أول ما شمله قرار الإغلاق في إطار التدابير الاحترازية الرامية لتفادي تفشي فيروس كوفيد-19، وهو ما كانت له تداعيات مباشرة على القطاع وعلى العاملين فيه.

وكانت وزارة الثقافة والشباب والرياضة – قطاع الثقافة – أطلقت في إطار دعم مجال الفنون، بتاريخ 17 يونيو 2020 برنامج دعم استثنائي يرمي إلى تشجيع المشاريع الثقافية والفنية في مجالات فنية مختلفة من بينها المسرح.

وخصصت الوزارة للمشاريع المقبولة في مجال أبي الفنون ما مجموعه 19 مليون و630 ألف درهم موجهة لدعم 173 مشروعا في مجال الجولات المسرحية، وهو ما رحبت به في حينه النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية باعتباره “خطوة من شأنها التخفيف من آثار وتداعيات جائحة كوفيد-19 على مهنيي الفنون الحية والمسرح منها على الخصوص”.

وتفعيلا لهذا البرنامج، قدمت العديد من الفرق جولات مسرحية في عروض بدون جمهور، تم بثها على صفحات مديريات قطاع الثقافة بمواقع التواصل الاجتماعي، وذلك في تجربة اضطرارية غاب فيها واحد من أهم عناصر الفرجة وهو ذلك التفاعل الحي بين الممثل والجمهور الذي لا يقبل الوساطة وإنما يقف فيه أحدهما مباشرة في وجه الآخر. على أن عملية التلقيح ضد جائحة كوفيد-19 بالمملكة وتحسن المؤشرات الخاصة بالوضع الوبائي، يفتحان باب الأمل أمام عودة أشمل وأوسع لأبي الفنون ليستمر في الاضطلاع بدوره في مجال التأطير الثقافي والارتقاء بالذوق الفني وإشاعة قيم احترام الاختلاف والتنوع الثقافي، من خلال احتضان عروض وأعمال وطنية وأجنبية مختلفة.

وشيئا فشيئا إذن يتراجع فيروس كوفيد-19 إلى الخلف بعد أكثر من عام تسيد خلاله الخشبة وأسدل ستائر المسارح و”طرد” روادها منها، وشيئا فشيئا يستعيد أبو الفنون أنفاسه بعدما أبدى نوعا من المقاومة وسعى إلى الاستمرار ولو افتراضيا، ولو من دون جمهور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرة + أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض