ثقافة

صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 11

 إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي

وتتوالى أصداء رجالات أسفي في التاريخ من خلال جلائل أعمالهم التي بصموا بها بلدهم ، فكانوا خير خلف لخير سلف .. نذكر من هؤلاء :
ـ الفقيه العربي الهداجي لقريوي، من رجالات أسفي الذين أفنوا عمرهم في خدمة بلدهم، حيث جمع بين مهمة العدالة والتدريس، نظرا لسلوكه الفاضل وسمعته الطيبة، ورجاحة عقله وسعة علمه، وهذه أمور أعلت من مكانته العلمية، وأكسبته حضورا متميزا بين الناس ولد الفقيه العربي بن امبارك الهداجي عام 1894 بالقريوات بقبيلة “الهدادجة” في بيت عرف بالصلاح والتدين.. حفظ القرآن الكريم بزاوية سيدي الزوين. ثم أتم دراسته بمدينة مراكش بجامع ابن يوسف حيث نال عددا من الإجازات العلمية التي أهلته لممارسة التدريس فقد تناول دراسة كل ما له علاقة بالعلوم الشرعية من التفسير لكتاب الله عز وجل والسيرة النبوية، ومن الحديث النبوي الشريف وعلومه، ثم الفقه الإسلامي وعلم الأصول واللغة وآدابها.
وهكذا كان لنشاطه العلمي في مختلف مساجد المدينة خاصة المسجد الأعظم والمدرسة العتيقة المجاورة له، أثر كبير، وهو نشاط اهتم أساسا بنشر القيم الفاضلة بين الناس.

أسفي
كانت وفاته رحمة الله سنة 1961 بعد حياة حافلة بالعطاء العلمي والفكري والمشاركة الطيبة في مختلف حقول المعرفة..
ـ محمد بن الطيب الوزاني العالم والخطيب البليغ، ولد بمدينة أسفي سنة 1879، وحين بلغ سن الأخذ والتلقي، ألحقه والده بالكتاب على عادة أهل المدينة، لحفظ القرآن الكريم ومبادئ العلوم على يد خاله الفقيه العلامة بلكيرى، ثم على يد بعض شيوخ مدينة أسفي من أمثال شيخ الجماعة العلامة ابن مولاي الحاج والأديب الفقيه التريكي والعلامة الأديب الصوفي عبد الرحمان المطاعي، والعلامة الفقيه الصويري ولا يخفى أن للفقيه محمد بن الطيب الوزاني أدوارا متميزة، حفظها له أهل بلدته، وفي طليعة ذلك مقاومته للاحتلال الفرنسي، وذلك من خلال خطبه على منابر مساجد أسفي.
توفي هذا الرجل يوم 7 أكتوبر 1961 بعد أن ترك آثارا أدبية وعلمية، أعان بها أبناء مدينته لتكون لهم خير مفيد على أداء رسالتهم النبيلة خدمة للوطن والدين.
ـ العلامة الحسن بن الطاهر واعزيز.. رجل مصلح وتقي، عرف بنشاطه الحيوي في أداء رسالته العلمية، ولد بأسفي عام 1897، وحفظ القرآن، برواية ورش على يد الإمام أحمد الجبلي، كما تلقى علوم النحو والبلاغة والمنطق وعلم الكلام والفقه والأصول والحديث والتفسير والتوقيت، فكان بذلك موسوعة متحركة، يرتوي منها أهل أسفي أو الوافدين عليها ، وقبل أن يرحل إلى فاس سنة 1921 للدرس والتحصيل على يد علماء كبار من أمثال العلامة محمد بن جعفر الكتاني، والفقيه المحقق مولاي عبد الله الفضيلي، والفقيه المدرس الفاطمي وغير هؤلاء كثير.
وقد حصل منهم جميعا على إجازات تليق بأمثاله من العلماء المخلصين.
من آثاره العلمية نذكر:
رحلته إلى الحرمين.
فتح الحجاب في الرد على من أنكر حسن التعليم.
رفع الحجاب وإزالة اللبس عما يتوهم راكب السيارة من إقامة الصلوات الخمس.
اقتضاء النصوص الفقهية في إثبات مسجدية الزاوية الناصرية.
رسالة قيمة في ختان الصبيان.
فتاوى في العبادات والمعاملات.
لقد كان هذا الرجل اسما لامعا في سماء الفكر والثقافة في مدينة أسفي. وأشهد وأنا صغير السن، كان والدي رحمه الله، الحاج محمد الفيلالي البصكري يحثني دائما على الجلوس في حلقة العلم التي كان يشرف عليها العلامة الحاج لحسن واعزيز بالمسجد الأعظم، خاصة دروس التفسير والحديث التي كان يقدم لها بالشروح النحوية والبلاغية، فكان بالنسبة لي مدرسة تعلمت فيها ما أفادني كثيرا في مساري العلمي.. وشخصيا أعتز أيما اعتزاز بالتلمذة على يد أحد أهرام العلوم الدينية والشرعية، من أمثال الحاج لحسن واعزيز.. فمثل هذا الأمر، أهلني فيما بعد لمتابعة دراستي الإسلامية العليا بدار الحديث الحسنية في مطلع الثمانينيات.
توفي شيخنا وفقيدنا يوم 29 مايو 1969، حيث وارى تراب روضة “سيدي منصور” خارج باب الشعبة بمدينة أسفي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض