إقرار حق إلغاء تأمينات السفر وتسهيلات جديدة لتأجيل سريان العقود

في سياق التطورات التي شهدها قطاع التأمين بالمغرب، تشير المعطيات إلى أن عقود التأمين الخاصة بالسفر قد شهدت نمواً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، وفقاً لإحصاءات هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، بلغ عدد المكتتبين في عقود إسعاف السفر أكثر من 500,000 مكتتب سنوياً حتى نهاية عام 2023، حيث يساهم هذا النوع من التأمين بنسبة 7% من إجمالي أقساط التأمين غير المتعلقة بالحياة في المغرب.

وفي ظل متغيرات كثيرة يشهدها العالم، ازدادت أهمية هذا النوع من العقود، مع ارتفاع عدد طلبات التأجيل أو الإلغاء إلى أكثر من 25,000 طلب خلال عام 2020 وحده، نتيجة لتغيير تواريخ السفر أو إلغائه بالكامل بسبب القيود الصحية العالمية أو الصراعات الدائرة أو حتى العوامل الطبيعية والمتعلقة بالتغييرات المناخية. ومن المتوقع أن يستمر هذا الارتفاع مع تعافي حركة السفر، حيث تشير التقديرات إلى أن حجم سوق التأمين على السفر سيصل إلى 1.5 مليار درهم بحلول عام 2025.

من جانب آخر، تعد نسبة رفض طلبات التأشيرة من أبرز العوامل المؤثرة على الحاجة إلى مرونة في عقود التأمين على السفر. إذ تشير البيانات إلى أن حوالي 30% من طلبات التأشيرة المقدمة من المغاربة للاتحاد الأوروبي خلال عام 2022 تم رفضها في ظل الإختلافات في وجهات النظر الديبلوماسية التي عاشتها المملكة مع مجموعة من الدول الأوربية، مما يزيد من أهمية اعتماد سياسة واضحة لإرجاع المبالغ المدفوعة في حالة رفض الطلبات.

وتجدر الإشارة إلى أن المغرب يتجه نحو تطبيق سياسات مشابهة لتلك المعمول بها في دول الاتحاد الأوروبي، حيث تُلزم شركات التأمين بإرجاع المبالغ المدفوعة في حال رفض التأشيرة، وهي خطوة من شأنها تعزيز الشفافية وتحمي حقوق المستهلكين، خاصة في ظل زيادة عدد المغاربة الذين يسافرون للخارج من أجل العمل أو السياحة، والذي بلغ 3 ملايين مسافر في عام 2023.

وفي نفس السياق، أعلنت هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، بالتعاون مع الجامعة المغربية للتأمين، عن إجراءات جديدة تهدف إلى تحسين خدمات عقود إسعاف السفر، حيث أصبح بإمكان المكتتبين تأجيل تاريخ بدء سريان العقد ليتناسب مع موعد السفر الجديد أو إلغائه حتى، شريطة ألا يكون العقد قد دخل حيز التنفيذ. ويأتي هذا القرار في إطار جهود الهيئة لحماية المؤمن لهم وتوفير مرونة أكبر في التغطية التأمينية.

ويتوجب على المكتتبين التحقق من تاريخ بدء سريان العقد أثناء توقيع عقود إسعاف السفر، حيث غالباً ما يتم تحديد هذا التاريخ ضمن خانة الشروط الخاصة، وهو ما يتيح لهم فرصة تأجيله أو إلغائه في حالة وجود تغييرات على خططهم، وتهدف هذه الخطوة إلى حماية المؤمن لهم من المفاجآت غير المتوقعة أثناء سفرهم، وضمان توافق التغطية مع ظروف السفر.

ودعت الهيئة، بالتنسيق مع الجامعة المغربية للتأمين، المسافرين إلى أخذ هذه المعلومات بعين الاعتبار عند توقيع عقود إسعاف السفر، وذلك لضمان الاستفادة الكاملة من التغطية التأمينية.

وفي هذا السياق، أكد وديع مديح، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك، أن القرار يمثل خطوة مهمة نحو رفع الظلم عن المؤمن لهم، مشيراً إلى أن الجامعة كانت سباقة للتنبيه إلى هذا الموضوع. ومع ذلك، انتقد مديح تجاهل بلاغ الهيئة لدور الجامعة، على الرغم من الاجتماعات التي عُقدت مسبقاً حول الموضوع.

كما أضاف مديح أن شرط التحقق من تاريخ بدء سريان العقد كما طالبت الهيئة قد يكون صعباً على بعض المكتتبين الذين لا يتقنون قراءة الشروط المعقدة في العقود، مشيراً إلى أن واجب إعلام المستهلك يقع على عاتق شركات التأمين والوسطاء لتفادي هذا المعطى المهم، إذ ينبغي عليهم توضيح تفاصيل العقد للمؤمن لهم، وخاصة الحالات التي تؤدي إلى فقدان حق الإلغاء.

وفي سياق موازٍ، طالبت الجامعة شركات التأمين المغربية باعتماد سياسة شفافة لإرجاع المبالغ المدفوعة للأشخاص الذين رُفضت طلباتهم، كما هو معمول به في دول أخرى، ودعت الشركات إلى تقديم معلومات مفصلة للزبناء حول سياساتها بشأن إرجاع المبالغ في حالات رفض التأشيرة، وذلك لتعزيز الشفافية وحماية حقوق المستهلك.

يُذكر أن هذه التعديلات تأتي في ظل تزايد الاعتماد على التأمينات الخاصة بالسفر، وخاصة بعد الجائحة، حيث أصبحت المرونة والشفافية من المتطلبات الضرورية للمسافرين، وقد سجل قطاع التأمين ارتفاعاً في عدد المكتتبين في هذه العقود مع تعافي قطاع السياحة بشكل تدريجي، مما يجعل من المهم توفير حلول مرنة تلائم مختلف احتياجات الزبناء، سواء من حيث التأجيل أو الإلغاء.

هذه الخطوة تعكس التزام المغرب بتعزيز حقوق المستهلكين وتحسين جودة الخدمات التأمينية، وهي جزء من سلسلة إصلاحات أوسع نطاقاً تهدف إلى تحقيق تطور مستدام في قطاع التأمينات.