
تجليات السيرة النبوية في الشعر الملحون – الحلقة 25
د. منير البصكري الفيلالي / أسفي
إن المتأمل في غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم وبعوثه وسراياه، لا يمكن إلا أن يقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان اكبر قائد عسكري في الدنيا ، وأسدهم وأعمقهم فراسة وتيقظا .. فهو عليه الصلاة والسلام صاحب عبقرية فذة، كما كان سيد الرسل وأعظمهم في صفة النبوة والرسالة، فلم يخض معركة من المعارك إلا وكان الهدف منها فرض الأمن وبسط السلام، وإطفاء نار الفتنة، وكسر شوكة أعداء الدين في صراع الإسلام والوثنية، وإلجائهم إلى المصالحة وتخلية السبيل لنشر الدعوة. ومن ثمة، كانت غزوة فتح مكة معركة فاصلة ، قضت على الوثنية قضاء باتا. فأصبح الناس يدخلون في دين الله أفواجا تموج حول رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتلبية والتكبير والتسبيح والتحميد، مما يؤكد نجاح الدعوة وأثرها حيث توحدت الشعوب والقبائل المتناثرة وخرج الإنسان من عبادة العباد إلى عبادة الله، أذهب الله عنهم حمية الجاهلية ونخوتها وتعاظمها بالآباء، ولم يبق هناك فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى .. الناس كلهم من آدم، وآدم من تراب.
هكذا تم بناء مجتمع جديد على أساس إثبات الألوهية لله، ونفيها عن غيره. وشاء الله أن يرى رسوله صلى الله عليه وسلم ثمار دعوته، فيجتمع في أطراف مكة بأفراد قبائل العرب وممثليها، فيأخذوا عنه صلى الله عليه وسلم شرائع الدين وأحكامه .. فقد أدى الأمانة وبلغ الرسالة، ونصح الأمة. يقول الشيخ الحاج أحمد سهوم:
وهاجت الناس وماجت حين جا الإعلان بالرحيل المكة مزين شي احياني
تلامات كفول الحجاج من السكـــــــــان د يترب وكل في لامته شرانــــي
وجاوا حتى من البطون القراب عربان ما يزولوا عباد صنــام والوثـانـــي
لاين استنفرهم للحج بين الاخـــــــوان سيدنا محمد من شرفـــه الغانـــــي ..
ليس افتر على الحمد نطقه أحاييــــــن للفــاتــح له بواب مكــة سبحانــــه
ادخلها سـاجـد وصحـابـه لحنايـــــــــن سجاد الراكبين شكر لمن عانــــــه
والرجلية ثناوا كلها ولسانه
تطهر البيت الحرام آهلي من ادران كل وثنية ونزاحت انتاني
تطهرت مكة من لفجور ما بقى حان ما بقى خمر ولا ميسر بالعلانــــــي ..
تبارك الله احجاب الله على العدنــان حقق لنا مزينه غاية الأمانــــــــــي
تفرضت الزكة تمات الدين لركـــان دين ربي من كان ولا يزول بانــــي
وجات حجة الوداع وخطبت الابيـان تلك اللي حفظوا الرجال ونسوانـــي
تلك اللي شملت شلا نصيف بلسـان من الحكمة والتشريعات والمعانـــي
وكم كرر هل بلغت والجمع جـــدلان وجابوه بنعم بلسون والكنانـــــــــي
يوم كمل للأـمة دينهــا الديـــــــــان وتمم نعمته عنها ربها الغانـــــــــي
لما تكاملت الدعوة، أخذت طلائع التوديع للحياة والأحياء تطلع على مشاعره صلى الله عليه وسلم، وتتضح بعباراته وأفعاله. وثقل برسول الله صلى الله عليه وسلم المرض، فقد قرب أجله، فكان أن انتقل عليه الصلاة والسلام إلى جوار ربه وهو في الثالثة والستين من عمره بعد أن بلغ الرسالة وأدى الأمانة على أحسن الوجوه وأكملها.
كابد في مرضه وصبر ليس خف في حيان وأم بالناس أبا بكر النبي يعانـــــي
وخيره مــولانـا يـزيـده زمـان فـي زمـــان أو يمضي عنده للخلد في الجنانــي
تخيـر الهــادي يلقــا خـالقـه في لجنــــان وكان ما راد الله وراد بالبدانــــــي