
جو بايدن .. الصبر والمثابرة مفتاح الطريق إلى البيت الأبيض
بعد خمسة أيام من التكهنات وتقلب السيناريوهات، بات بإمكان المرشح الديمقراطي لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن أن يعلن فوزه بالاستحقاق الرئاسي، متوجا عقودا من الصبر والمثابرة.
ظل بايدن يسعى إلى تحقيق هذا الفوز منذ عقود، وذلك بعد محاولتين فاشلتين سنة 1988، وبعدها بـ 20 عاما، في سنة 2008، ألم خلالها المرشح الديمقراطي بالمفاتيح السحرية للسياسة الأمريكية. بدأ بايدن بأفضلية في الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين، حيث كان عليه أن يتفوق على 20 مرشحا يمثلون جميع تيارات اليسار الأمريكي، ولم يشك بايدن قط في فوزه في نهاية المطاف. وعلى الرغم من هزائمه المبكرة في مواجهة ساندرز في الانتخابات التمهيدية، تشبث نائب الرئيس السابق لباراك أوباما بقناعة مفادها أن شعبيته لدى الأمريكيين من أصل إفريقي ستؤتي أكلها.
وبمجرد حصوله على ثقة الحزب الديمقراطي، بدأ بايدن بوضع استراتيجية لمواجهة دونالد ترامب. ففي ذروة تفشي وباء كورونا، بقي بايدن في ولاية ديلاوير، متجاهلا تنبيهات المحللين السياسيين التي كانت تحثه على التنقل عبر الولايات لحشد تأييد الأمريكيين.
وكان أن أنصف التاريخ استراتيجيية حملة بايدن، وذلك بعد أن أتاح ترامب فرصة مهمة للتحكم في الحديث عبر الشاشات الأمريكية. وانتهت خرجات المرشح الجمهوري المتناقضة في جميع المواضيع، وخصوصا تدبيره للجائحة التي أودت بحياة أكثر من 237 ألف أمريكي، بتعبئة الناخبين الديمقراطيين وراء المرشح الديمقراطي.
وعلى عكس ترامب، يعد بايدن أحد أكثر الساسة خبرة في أمريكا. فبعد انتخابه لعضوية مجلس الشيوخ لأول مرة في عام 1972، بدأ نائب الرئيس السابق لباراك أوباما ترشيحه للمرة الثالثة للبيت الأبيض كمرشح قادر على توحيد الأمريكيين بسبب الخطاب العدائي لترامب.
فخلال أزمة فيروس كورونا، سعى بايدن إلى إظهار شخصية القائد، وتقديم توصيات بناء على نصيحة من خبراء في الرعاية الصحية والاقتصاد. وتتضمن هذه الاقتراحات جعل اختبار فيروس كورونا متاحا ومجانيا على نطاق واسع، كما انتقد المرشح الديمقراطي بشدة تدبير الرئيس ترامب للأزمة الصحية، واتهمه بالتصرف ببطء شديد وبالفشل في اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية الأمريكيين.
وخلال ولاية نائب الرئيس مع إدارة أوباما، كان أحد مهندسي قانون الرعاية الصحية “أوباماكير”، حيث تبقى الرعاية الصحية إحدى أولوياته المطلقة، وتظل هذه المسألة تؤرقه بسبب المأسي التي عاشها في حياته بعد أن فقد زوجته الأولى وطفلته الصغيرة في حادثة سير سنة 1972، وابنه بسبب سرطان الدماغ سنة 2015.
ويؤمن بايدن، الذي انتخب في مجلس الشيوخ منذ عقود، بقيمة التعددية الحزبية، ويصر على التواصل مع الجمهوريين، وهي القيم التي ستتاح له قريبا الفرصة لاختبارها، لأنه على الرغم من فوزه، لم يتمكن الديمقراطيون من السيطرة على مجلس الشيوخ.
وسيكون بايدن، الذي سيبلغ من العمر 78 عاما هذا الشهر، أكبر رئيس يؤدي اليمين الدستورية عند وصوله إلى البيت الأبيض في يناير المقبل، بعد أن حصل على أكبر عدد من الأصوات في تاريخ الرئاسة الأمريكية، ويبقى فوزه قبل كل شيء تتويجا للمثابرة والصبر.