مجتمع

الكثيري: الذاكرة الوطنية سجلت لقبائل آيت باعمران مساهمتها الفعالة في انطلاقة جيش التحرير بالأقاليم الجنوبية.

أكد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير الدكتور مصطفى الكثيري أن تاريخ المملكة المغربية، خط بالدماء الزكيات لأبنائه وبناته، منذ أن وطأت أقدام المستعمر ترابه إما بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء خلال المرحلة الاستطلاعية والاستكشافية للمغرب أو مرحلة فرض المعاهدات والاتفاقيات الجائرة عليه، كمعاهدة للامغنية سنة 1845م، وأخرى اقتصادية (تجارية) سنة 1856م مع بريطانيا.

وأوضح المندوب السامي في كلمته بمناسبة تخليد الذكرى 54 لاسترجاع مدينة سيدي إيفني بتيزنيت، أن المعاهدات التي وقعها المغرب آنذاك، كانت بمتابة الإرهاصات الأولى لمخطط استعماري عسكري ستتضح معالمه مع بداية القرن العشرين، وبعد احتلال توات ووجدة سنة 1907، ثم اجتياح الشاوية ودخول مدينة الدار البيضاء مستغلة في ذلك مقتل الطبيب “موشان”، والأحداث التي عرفها ميناء مدينة الدار البيضاء.

وذكر الكثيري، أنه مباشرة بعد توقيع عقد الحماية سنة 1912، اندلعت الإنتفاضات الشعبية بكل جهات وربوع المملكة لتؤكد مطلبها الراسخ في الحفاظ على الكيان المغربي حرا ومستقلا. وهكذا، وكسائر مناطق المغرب قدمت منطقة آيت باعمران الأمثلة العديدة على روحها النضالية العريقة، واستطاع أبناءها أن يحققوا النصر ويصنعوا المعجزات رغم محدودية إمكانياتهم، ولقنوا المستعمر دروسا في التضحية والصبر ونكران الذات. وخاضوا عدة معارك جسدت أروع آيات الجهاد وأصدق صور البطولة والفداء صيانة لوحدة الوطن ودفاعا عن حوزته، قبل أن يضعوا السلاح مرغمين لا مستسلمين خانعين، حقنا للدماء وحفاظا على الأرواح والممتلكات، بموجب اتفاقية أمزدوغ الموقعة بين الطرفين في 06 أبريل من سنة 1934م.

وفي نفس السياق شدد المندوب السامي على أن أنفة الباعمرانيين دفعتهم إلى مواجهة كل سياسة بغيضة للمحتل، وتحدوا عن جهيته وجبروته، ووقفوا ندا له عند محاولته تجنيس الأهالي وطمس هويتهم ودمج الإقليم في الميتوروبول الإسباني قسرا منذ سنة 1947م، بل انتفضوا معبرين عن رفضهم القاطع للقرار الجائر الذي اتخذته السلطات الاستعمارية الفرنسية بنفي السلطان الشرعي، جلالة المغفور له سيدي محمد بن يوسف طيب الله ثراه، برفع الأعلام والرايات الوطنية فوق المنازل والشاحنات والسيارات.

وخلص الكثيري إلى أن الذاكرة التاريخية الوطنية قد سجلت لقبائل آيت باعمران الأبية حضورها القوي ومساهمتها الفعالة في الانطلاقة المظفرة لجيش التحرير بالأقاليم الجنوبية للمملكة سنة 1956 لاستكمال الاستقلال الوطني وتحرير الأقاليم الجنوبية التي كانت ترزح تحت نير الاحتلال الاسباني، فضلا عن انغمارها في صنع أمجاد انتفاضة 23 نونبر 1957 الخالدة التي تناقلت أطوارها وسائل الإعلام العالمية، مشيدة باستماتة المقاومين وأعضاء جيش التحرير وصمودهم وروحهم القتالية العالية ووقوفهم في وجه المستعمر الغاشم، مما مكن من استرجاع قرابة تسعة أقسام من تراب إقليم آيت باعمران من أيدي الأعداء وتحقق بفضلها عودة منطقة طرفاية سنة 1958م، وضرب حصار شديد على مدينة سيدي افني إلى أن افتكها المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه في يوم 30 يونيو 1969م، وفي هذا المضمار نستحضر قولته عند زيارته لمدينة سيدي افني في يوم 18 يونيو 1972م.

وذكر الكثيري في كلمته بمقتطف من خطاب صاحب الجلالة المغفور له الحسن الثاني: ”أرجو منكم أن تبلغوا تحياتنا إلى سكان الإقليم، وبهذه المناسبة أبلغ سكان المغرب قاطبة افتخاري واعتزازي وحمدي لله وتواضعي أمام جلاله لكونه أنعم علي بأن أكون ثاني الفاتحين لهذه لبقعة، أعاننا الله جميعا وسدد خطانا وأعانكم وألهمكم التوفيق والرشاد”.

وأكد الكثيري أن تحرير مدينة سيدي إفني لم يكن إلا منطلقا لتقوية جهود المغرب في استعادة باقي أجزائه المحتلة. حيث اندهش العالم أجمع بعد ذلك بالفكرة العبقرية للملك الموحد جلالة المغفور له الحسن الثاني قدس الله روحه والمبادرة الرائدة في ملاحم التحرير عندما قرر جلالته تنظيم مسيرة شعبية سلمية استقطبت آلاف المتطوعين وساندها أشقاء من العالم العربي والإسلامي ومن مختلف دول المعمور وساروا في طلائعها يوم 6 نونبر 1975م،فكان جلاء آخر جندي أجنبي عن الصحراء المغربية يوم 28 فبراير 1976،حيث رفرفت الراية المغربية خفاقة في سماء العيون تزف بشرى انتهاء عهد الاحتلال الإسباني للصحراء المغربية وبزوغ فجر الوحدة الترابية للمغرب من الشمال إلى الجنوب. ليتم بعد ذلك يوم 14 غشت 1979 استرجاع إقليم وادي الذهب وتحقيق إرادة العرش والشعب.

وسلط المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير الدكتور مصطفى الكثيري، الضوء على إنجازات المغرب اليوم في ظلال عهد جديد بقيادة الملك محمد السادس نصره الله وأيده يسير بثقة وثبات على درب البناء والتشييد وصيانة وحدته الترابية، في تعبئة تامة للمغاربة لتثبيت الوحدة الراسخة في ظلال إجماع وطني، من طنجة إلى الكويرة للذود عن حوزة الوطن ومقدساته العليا.

وأكد الكثيري أن أسرة المقاومة وجيش التحرير مستعدة لاسترخاص الغالي والنفيس في سبيل تثبيت السيادة الوطنية بأقاليمنا الجنوبية المسترجعة ومواصلة المساعي والجهود لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة لفائدة ساكنتها، وتعبئتهم المستمرة ويقظتهم الموصولة وتجندهم الدائم وراء عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، من أجل تثبيت المكاسب الوطنية والدفاع عن وحدتنا الترابية غير القابلة للتنازل أو المساومة.

وبهذه المناسبة، توقف الكثيري عند أسماء رجالات المغرب الأبرار الذين أخلصوا للوطن وأسدوا وضحوا ذودا عن حريته واستقلاله، حيث تم تكريم 5 من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، والذين اعتبرهم من صفوة أبناء هذه الربوع المجاهدة، والذين برهنوا عن روح المسؤولية والتضحية وقيم الإيثار ونكران الذات، سيحفظها لهم التاريخ بمداد من الفخر والإعجاب.

وإلى جانب التكريم المعنوي، فإن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير قدمت المندوبية 30 إعانة مالية لعدد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأرامل المتوفين منهم بغلاف مالي إجمالي قدره 60.000.00 درهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض