ثقافة

الدكتور عباس الجراري ، شخصية موسوعية متعددة العطاءات -الحلقة 8

إعداد : د. منير البصكري الفيلالي

أمام سمو شموخ أستاذنا الجليل الدكتور عباس الجراري أكرم الله مثواه ، لم يكن لي من بد إلا أن أسجل معه رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا ، فكان اختيار موضوعالشعر الملحون في أسفيحيث أمضيت ما يقرب من ست سنوات لمعالجة هذا الموضوع .. وكم كنت سعيدا جدا حين أقابله لأنهل من علمه الغزير، وأستفيد من توجيهاته السديدة وملاحظاته الدقيقة ، فكانت جلساتي معه بستانا تدفقت جداوله ، وهتفت على أغصانه بلابله ، وأشرق نرجس علمه وتألق ورده في الأدب والثقافة .. فكنت أقطف من ثماره علما وأدبا وثقافة غزيرة في رغبة ونهم . فكان أن أحاطني بكامل الرعاية والعناية ، مما لا يمكن صدوره إلا من والد لولده أو أستاذ لتلميذه . وهكذا ، آليت على نفسي الاستمرار في نفس الخط من الدرس والبحث في الشعر الملحون . وكم كانت سعادتي غامرة حين أشرف مرة أخرى على أطروحتي لنيل الدكتوراه عن الاتجاه الصوفي في الشعر الملحون . وفي هذه وتلك ، كان دائما ـ رحمه الله ـ يحثني ويدعوني إلى مواصلة الاهتمام بفن الملحون والكشف عن جوانبه الدفينة . وعلى عادته رحمه الله ، وجدت فيه دائما الحب والحنان والعطف والكرم والعناية والصدق والنزاهة والموضوعية ، فكان يستفسرني عن هذا الاختيار ، فالعالم أمانته علمه ، يؤديها في إثارة ميول الخير ومعرفة غرائز طلابه وإعدادهم لمقابلة الحياة ، وتنشئتهم على الأخلاق الكريمة .. هكذا هو فضيلة أستاذنا الجليل الدكتور عباس الجراري ، حزم وعزم ، عزة وكرامة ، جد واجتهاد ، ثقة ومصداقية ، وضوح واتزان ، انضباط واعتدال.. كلها صفات حميدة ترسخت في نفوسنا ووجدت لها مكانا في قلوبنا كطلبة هدفهم الاغتراف والنهل من هذا النبع الفياض .. إذ كان ـ رحمه الله ـ يسعى دوما إلى توسيع مجال الإفادة والاستفادة ، والإمتاع والمؤانسة ، يحرص على إعطاء الفرصة لكل من يأتيه مستفسرا عن قضية أو ظاهرة أدبية أو طرح سؤال أو تقديم عرض ، فرسخ بذلك تقاليد الحوار العلمي والجاد والمتخلق ..
                     
ولا عجب ، فالجــراري عين                      من الله كــوثـرهـا ظاهــــــر

                     
                 
هو العالم المفضالعباسالذي         تسنم في دنيا المعالي ذرى المجد   

                  حباه إلهي في المعارف مـا حبــــا           لأهل التقى والحزم والعزم والجد
                
وألبسه بــرد الفضائل فاستـــــوى            بأفق العلا بــدرا تلألأ من بعـــــد
                
وأكرمه بين الـــورى برزانـــــة                   حبته ثباتا لـم يكـن قـط فـي طــود
               
له همة تهفــو إلـى كـل ما نـــــأي            وتدركه لو كان في الصين والهند                 

                  أيا شيخنا أثلجتم الصدر إذ بـــــدا            بأفقكـم بـرق همى منجـز الوعــد
                 
تعهدتم روضا غرستم بـــــــذوره              بغيث مريء كم يبشر بالرغـــــــد ..     

          
يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر + 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض