
الدكتور عباس الجراري ، شخصية موسوعية متعددة العطاءات -الحلقة 22
إعداد : د. منير البصكري الفيلالي
لقد عمل أستاذنا في إطار الإشراف على تخصص الأدب المغربي في كليتي الآداب بالرباط وفاس على حث الباحثين المهتمين بهذا النوع من التراث إلى تناوله في رسائل الدراسات العليا واطاريح دكتوراه الدولة . فكان من ذلك ، العمل الذي أنجزته شخصيا تحت إشراف أستاذنا ـ رحمه الله ـ حول : ” الشعر الملحون في أسفي ” حيث أسعدت كثيرا بذلك الإشراف العلمي .. وهو عمل اعتبره أستاذنا ” إضافة غنية إلى ما كنت كتبت وكتب بعدي دارسون آخرون ولا سيما على صعيد الجامعة ، حيث فتحت الباب لهذه الدراسات وأمثالها ، مما يزخر به تراثنا الشعبي ، مشجعا كل راغب مؤهل لخوض غمار الشائك ” .
إضافة إلى ذلك ، أطروحتي حول موضوع : ” النزعة الصوفية في الشعر الملحون ” والتي قال عنها أستاذنا : ” سعدت مرة أخرى بإشرافي على هذا العمل “.. وهناك العديد من البحوث الجامعية في إطار الأدب الشعبي عموما والملحون بوجه خاص ، منها ما تم تحت إشراف أستاذنا رحمه الله ، وأخرى بتأطير أساتذة من مختلف الجامعات المغربية ، حملوا نفس التوجه الذي دافع عنه الأستاذ الدكتور عباس الجراري ، حيث نلاحظ اليوم ” ما حققه هذا الأدب في مستوياته المختلفة ، وما تزخر به الساحة الثقافية من إنتاج ، إبداعا وأبحاثا ، بل غدت الجامعة المغربية مركزا محوريا للتناول الأكاديمي لهذا الأدب ” .
إن من وجوه العرفان ان نقول ، إن المنزلة الرفيعة للغة الفصحى ، لا تمنع من الاهتمام بمثل هذا الأدب ( الملحون ) وتذوقه وتقويمه والاستفادة من نصوصه ، ومن شواهده الشعرية ، ودراسة وثائقه الدالة على نمو وحياة المجتمع المغربي بوجه خاص . ذلك أن الملحون فن ” يتمتع بمجموعة من أنواع ومظاهر القيمة ـ شعرا وإنشادا ـ مما يجعله مؤهلا بامتياز للتقاطع مع العديد من فنون القول.. ” .
ومن هذا المنطلق ، عبر أستاذنا ـ قدس الله روحه ـ عن رغبته في إيجاد سبيل لدراسة الأدب الشعبي في الجامعة المغربية بقوله : ” وحسبنا أننا فتحنا بابا جديدا للبحث الأدبي في المغرب ، وأننا بذلنا في سبيل ذلك جهد يشهد الله أنه كان مخلصا ومتواصلا ، وأملنا أن يجد الدارسون من زملائنا الشباب في هذه الرسالة ما يغريهم بمواصلة البحث من أجل إحياء التراث بجميع أنواعه ، وأن يجد فيها المسؤولون عن جامعة محمد الخامس ما يقنعهم بضرورة إدراج الأدب المغربي الشعبي في مقررات كلية الآداب إلى جانب أدبه المغربي الذي نتحمل عبء تدريسه بها . ”
يتبع …